فيلم ” بالرغم من الثلج المتساقط ” ولع لاينقطع بمرحلة الحرب الباردة !
(آشور)..عرض: صباح محسن …على غير عادتها ، او اهتماماتها تقدم السينما البريطانية فيلما مخصصا عن فترة الحرب الباردة ، او الجاسوسية ، ونعلم ان هوليوود هي من تتحمس لذلك ! وربما لاسباب غير معروفة قد نكون غافلين عنها ، في وجود دور خفي لبريطانيا في ولوج تلك الفترة بعناصر اخترقت اسوار دولة اخرى بممكناتها التجسسية ؟ واعتقد ان تلك الفترة ، اي فىترة الخمسينات وما بعدها تعج بمثل تلك المشاكل .
ليأتي فيلم ، بالرغم من الثلج المتساقط ، تعبيرا عن اهتمام انكليزي في المساهمة في انتاجه ، للتاكيد على دورها في الحرب الباردة ، ولتؤكد ريادتها فيه ، دون اعلان عزلها !
يتناول الفيلم وقائع حقيقية عن فترة الصراع التجسسي التقليدي بين الاتحاد السوفياتي السابق ودول الغرب ، وتحديدا امريكا وبريطانيا تاليا .
كتب المخرج شميم الصريف السيناريو له مع مهمة الاخراج ، ويبدو ان اسم المخرج قريب لوقع اسماء عربية او اسيوية ، مع انه مولود في احد ى ضواحي لندن عام 1969 وكان يمارس التصوير والتمثيل والتأليف ، وله اربعة افلام ، وكان اول افلامه عام 2007 عالم الغيب والثالث عام 2008 لا استطيع التفكير المستقيم وما قبل الاخير عام 2011 مجلس النواب غدا ، والفيلم الذي نحن بصدده الان انتاج عام 2116 ، تم اختيار مدينة قريبة للعاصمة الصربية لتجري عليه الاحداث لقرب تشابهها مع مدن وشوارع واضواء العاصمة السوفياتية موسكو وبعض المدن الروسية العتيقة ، وبنفس اساليب السينما الامريكية في حركة الكاميرا ، وبعض الامكنة المظلمة والباردة ، وبأضواء خافتة للتدليل على الحذر والقلق والتوتر ، وقد نجح المخرج في بعضها واخفق في البعص الآخر ، معتمدا على سيناريو كتبه ورسمه بنفسه ، مع وجود طاقات تمثيلية نادرة ، وكادر فني مختص . الفيلم كان بطيئا في حركته ، لتمتد الحوارات فيه حد الملل ، مع بعض من اختيارات رجال المخابرات الروس ، اذ لم يكن موفقا ، وتقديم نواة لجواسيس ليس على اهمية النوذج المطروح ، مثل ما تم تقديمه في انتاجات هوليود ، وذلك لاعتماد المخرج نفس الثيمات في تناوله للوقائع ، سوى حادثة المطاردة واعتقال بعض المشتبه بهم في احد شوارع موسكو المقترحة . حاول المخرج الصريف ان يركز على الحالات النفسية لابطال الفيلم ، والصراع والخوف والترقب الذي يشوب مثل هذه الاعمال ، خاصة اذا كانت تتعلق بالتجسس تحت يافطة الاخلاص للوطن عبر سرقة معلومات عن البلد المضّيف لتلك العناصر المخلصة في اداء واجبها الوطني ! واعتقد الممثل الوحيد الذي برع في تلبس تلك الحالات هو النجمة الصاعدة ريبيكا فيرغسون والتي ادت دورا مزدوجا ومركبا بين عشيقة لشخصية سياسية روسية ، ووقوعها في حبه بالفعل ، وكان الهدف من علاقتها به استدراجه للحصول على معلومات تخص عمله ، لتكون المحور الاساسي لتعامل المخرج مع الاحداث عبر تلك الشخصية.
لم يوفق المخرج في مسالة الرجوع بالاحداث التي تأسست عليها وقائع الفيلم وبطريقة الفلاش باك ، اذ كانت متداخلة ومباشرة ، وتم زجها بعجالة دون معالجة فنية ، حيث يحتاج المتلقي للكثير من الفطنة لضبط ايقاع الاحداث ! بعض الممثلين الذين تم اعتمادهم في الرجوع الى فترة نهاية الخمسينات كانوا متوسطي الطول ، وفي فترة نهاية الوقائع وللتذكير بها كحكاية مسترسلة يكون الابطال اكثر طولا ، وهو ارباك غير مدروس من المخرج ، لان احداث الفيلم تبدأ عام 1959 لتنتهي عام 1995 ويتم التركيز على عام 1969 للدلالة على صعود تلك الحرب الباردة اوجّها بين الطرفين !
نماذج كاتيا وساشا و ميشا كانت المحور الرئيسي لتلك الاحداث ، وكان اهتمام المخرج بهؤلاء افسد وجود شخصيات كان الاجدر به الاهتمام بها لتكميلها الوقائع ، خاصة ممثلين مهمين تم اشراكهم في الفيلم ، مع ان وجود ممثل كبير مثل تشارلز دانس او تشارلز الرقص كما يطلق عليه ، لانه فعلا احد المساهمين في تصميم الرقصات في مدينة سلوشيستر في المملكة المتحدة ، وكان حضوره دعما للفيلم ، رغم برودة اداءه ، خاصة حين يكتشف مقتل حبيبته كاتيا على يد احد الاصدقاء المشتركين في عملية التجسس بعد ان تم كشفه على يد المخابرات السوفياتية واخضاعه للتعذيب والذي كشف من خلاله عناصر التجسس الانكليزية ، وقراءته لقصاصة تم حفظها في ذلك الصندوق تؤكد فيه تعلقها به وانها ستلتحق به الى لندن بعد ان تنهي مهمتها ، مما دفعه للبكاء وكان اداؤه باردا وتمثيليا واضحا مما اوقعه في شرك المباشرة .
في جملة ، اطلقتها كاتيا لشاسا ، في دور ساشا لشخصية العنصر الروسي المقصود بمحاولة كاتيا العميلة الانكليزية والمتخفية في شخصية كاتيا ، اذ يقول بعد ان كشف دور كاتيا وبعد ان تعلق بها ومن الصعب عليه التراجع ، انا في حال مرعب ، ولا استطيع التمييز بين ان اكون حبيبا او خائنا بنظر انتمائي ، وهذا مايشعر به كل من ينزلق خارج حدود انتماءه ، واندماجه في حالة صعبة وكبيرة ، لكن كل هذا بسبب الحب ، على ما اراد الفيلم في اقناعنا به. ادى الدور بشكل مقنع لكن دون تأثير الممثل الاسترالي سام ريد ! ومع تصاعد الاحداث وكشف عمل كاتيا من صديقها ومحاولة هروبها بعد ان لطمت صديقها المنشق بعمله جراء التعذيب الذي خضع له ، وبعد محاصرتها من عناصر المخابرات السوفياتية وبالاتفاق معه تركض باتجاه سياج حديدي في نهاية الشارع المغلق ووسط الثلج الكثيف وتساقط نثاره ، وبعد ان تتمكن من تجاوز نصف السياج للوصول الى الجهة الثانية ، يطلق زميلها الرصاص عليها من مسدسه والذي خبأه خلف ظهره ، وكان مشهد اطلاق الرصاص وهي في منتصف عبور السياج الحديدي يذكرنا بمشهد اطلاق الرصاص على راسبوتين بعد انكشاف امره من قبل رجال القيصر ، مع فارق بسيط يحسب للمخرج الصريف هو ارتطام راس كاتيا بالجليد بعد سقوطها ، وكان مشهدا جميلا ومدروسا .
كانت الموسيقى رائعة تلك التي وضعها راشيل بروتمان وقد اضفت على الاحداث متعة غامضة وبحسب مشاهد الفيلم المزدحمة بالشك والريبة والقلق .
طغت على احداث الفيلم الكثير من المشاهد الرومانسية ، بين كاتيا وساشا ، بحيث جاء تايتل الفيلم مع بروفايل الاعلان ، بانه فيلم رومانسي !!
احداث متداخلة تتحرك على مدى نصف قرن ، بين خيانة وقتل وجنس وشك وتضحيات وقلق.(انتهى)