الوضع السوري الحالي بين السياسة و الميدان
(دمشق – آشور) وعد النبواني .. تتسارع الأحداث السياسية و الميدانية في الساحة السورية، أميركا تدخل حقول النفط السورية في الشرق لاحتلالها، و الجيش السوري يواصل انتشاره على الحدود التركية لصد العدوان و قواته تدخل بعض حقول النفط أيضاً في تلك المنطقة، و بذات الوقت تستعد لاستكمال عمليات تحرير ادلب من الإرهابيين، فما هي الأولوية الحالية بالنسبة للدولة السورية؟، هل هي معركة شرق دير الزور و آبار النفط أم هي معركة ادلب؟.
الخبير الاستراتيجي السوري الدكتور أسامة دنورة قال لوكالة آشور الإخبارية أنّ ” تحديد الأولويات بالنسبة للجبهات هو أمر يتعلق بقرار القيادة السياسية والعسكرية السورية وفق جملة المعطيات السياسية والعسكرية الميدانية والاقليمية والدولية، ويتعلق ذلك أيضاً بالتشاور والتنسيق ما بين سورية وحلفائها في محور محاربة الإرهاب، فالتصدي للاحتلال والغزو التركي في مناطق الشمال الشرقي، وتحقيق الاندماج الوطني واستعادة الثروات الباطنية في هذه المنطقة هي عوامل على درجة كبيرة جداً من الأهمية، ولا تقل أهميتها عن ضرورة تحرير ادلب من الاحتلال الارهابي الذي يعبر بدوره أيضاً عن حيثية عدوانية واحتلالية تركية، لا سيما أن هذا الاحتلال الإرهابي يهدد أيضاً المنطقتين الوسطى والساحلية ومحافظة حلب العاصمة الصناعية والاقتصادية في سورية، لذلك فالأولوية تعطى لجبهة دون أخرى وفق دراسة معمقة تتضمن تقاطع العوامل والضرورات والمحددات مع التأكيد على أن لكل شبر من الجغرافية السورية الأهمية والأولوية ذاتها من حيث ضرورة التحرير وفرض السيادة”.
و حول الطرق الممكنة التي قد تستعيد الدولة السورية من خلالها السيطرة على حقول النفط من الاحتلال الأمريكي أضاف دنورة قائلاً أن “محاصرة المشروع الأمريكي سياسياً وميدانياً نجحت لحد الآن و إلى درجة كبيرة دون الدخول في مواجهة مباشرة مع الأمريكان، ومن المهم هنا التأكيد على نقطتين هامتين، الأولى أن القوة العسكرية والاستراتيجية ليست مرادفاً لقدرة الفعل على أرض الواقع، فعوامل القدرة هي القوة العسكرية وهي أيضاً الظرف السياسي و وزن الإرادة القومية وحجم التفويض المعطى لاستخدام الذراع العسكرية والظروف الجيوبوليتيكية للجبهة المعنية ومنظومة التحالفات الاقليمية والدولية، وهذه العوامل قد تجعل من قوة عظمى طرفاً أضعف في جبهة من الجبهات”، و تابع أنّ ” النقطة الثانية الهامة فهي أن التغلب على القوة العسكرية لدولة عظمى لا يتعلق بمكاسرتها عسكرياً بالضرورة، ولكن بمحاصرة مشروعها وتفكيكه بكل السبل المتاحة، وأن قيام الشعب غير المسلح باسترداد ثروته الوطنيه هو خيار يفرض على المحتل ضغطاً سياسياً كبيراً قد يفشل في إيجاد الرد المناسب وطريقة التعامل الناجعة معه”.
قوات سوريا الديموقراطية لا تزال تتعاون مع الاحتلال الأمريكي لحد اليوم، و القوات الأمريكية تدخل حقول النفط السورية التي تتواجد قسد فيها بكل سلاسة رغم اتفاق الأخيرة مع الدولة السورية، و هنا قال دنورة أنه: ” من المؤكد أن عودة قسد الى الرهان على السراب الامريكي هو تجديد لجملة من الخيارات الخاطئة التي تتميز بقصر نظرها وقصر مداها في آن واحد، فالوجود الأمريكي مضطرب في قراره الاستراتيجي وحجمه و أهدافه ومداه الجغرافي والزمني، والرهان عليه مجدداً لا يصب إلا في خانة تسميم محاولات بناء أجواء الثقة بين قوى الأمر الواقع في منطقة الجزيرة والدولة السورية بما يتجاوز كل أثقال وتبعات المرحلة السابقة، كما أن تجديد هذا الرهان الخاطئ يعتبر بمثابة منح الذريعة المجانية لاستئناف وتوسيع العدوان التركي، وهو في جميع الأحوال تعاون مع قوات احتلال من قبل قوى لا تحظى بالشرعية الدستورية أو القانونية أو الشعبية”.
نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين قال يوم الأربعاء الماضي أن بلاده لن تتعاون مع أمريكا بشأن مسألة النفط السوري لأنه ثروة للشعب السوري من حقه التصرف فيها، و هنا يؤكد دنورة لآشور الإخبارية أنه ” مما لا شك فيه أن قرار المواجهة من عدمه يتخذ بالتشاور المسبق والتنسيق مع باقي الحلفاء في محور مكافحة الارهاب، والإرادة المؤكدة في التصدي للولايات المتحدة ومشروعها في سرقة النفط السوري هي أمر مؤكد، ولكن أسلوب المواجهة يتعلق بميزان الأرباح والخسائر والتوقيت الأنسب والأسلوب الأنسب لطرد الامريكيين و إفشال مشروعهم الذي يعتبر جريمة وفق المادة الثالثة عشر من ميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية التي تؤكد الوصف الجرمي لقيام قوات الاحتلال بالتدمير أو الاستيلاء على ثروات الدولة التي تتعرض للغزو والاحتلال”.