مفوضية الانتخابات تناقض محكمة التمييز في استبعاد المرشحين
مفوضية الانتخابات تناقض محكمة التمييز في استبعاد المرشحين
/آشور- أكدت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات شمول المرشح المخالف بالاستبعاد حتى في حال فوزه، مع حذف الأصوات التي حصل عليها وعدم تحويلها إلى قائمته، موضحة أن نطاق الإجراءات سيمتد إلى ما بعد يوم الاقتراع وحتى رفع الأسماء إلى المحكمة الاتحادية للمصادقة.
اعلان المفوضية جاء على لسان رئيس الفريق الإعلامي في المفوضية، عماد جميل. والذي سيضع المفوضية في مواجهة مباشرة مع مبدأ قضائي مستقر أرسته محكمة التمييز الاتحادية عام 2014، الامر الذي سيعيد فتح النقاش حول حدود سلطة الإدارة الانتخابية ومعايير حماية إرادة الناخبين.
وكانت محكمة التمييز قد ارست مبدأ عدم جواز الاستبعاد استناداً إلى شكاوى تتعلق بحسن السيرة والسلوك بعد تاريخ المصادقة على قوائم المرشحين، الامر الذي يعني أن غربلة الأهلية لأسباب تمس السيرة والسلوك الشخصي وما في حكمه يجب أن تُحسم قبل دخول السباق، لا بعد تصويت الناخبين. في المقابل، تقرأ المفوضية العليا المستقلة للانتخابات سلطتها على نحو يسمح باستبعاد المرشح المخالف حتى بعد الاقتراع، وبأثر يصل إلى إعدام الأصوات التي حازها.
قرار المفوضية الجديد سيؤسس لتناقض يتجلى في مستويين: توقيت الحسم وأثره. فبينما تقف محكمة التمييز عند لحظة المصادقة بوصفها الحدّ الزمني النهائي لحسم قضايا السيرة والسلوك، تمدّ المفوضية إجراءاتها إلى ما بعد الصندوق. وعلى مستوى الأثر، يؤدي حذف أصوات الناخبين بصورة مطلقة إلى خلق فراغ تمثيلي لا يعالجه النظام القائم على القوائم ما لم تُفعَّل آليات الإحلال الداخلية، ويُضعف “اليقين الانتخابي” الذي يفترض أن يزداد بعد الاقتراع لا أن يتبدد بقرارات لاحقة.
وتزداد الإشكالية عندما تُبنى قرارات الإقصاء على تقارير أو مخاطبات صادرة عن جهات إدارية أو أمنية، بدلاً من أحكام قضائية باتة. فالتجارب السابقة تشير إلى تنوع أسباب الاستبعاد بين مشكلات وثائق وأهلية ومخاطبات مؤسسات، ما يستدعي تمييزاً واضحاً بين المخالفات الموضوعية المثبتة بحكم نهائي وبين شكاوى حسن السيرة التي لا يجوز أن تنقض ترشيحاً بعد المصادقة وفق اجتهاد محكمة التمييز. هذا الفصل ضروري لمنع تضارب السلطات والحفاظ على معيار موحد للأهلية.
المخرج العملي يبدأ بتثبيت جداول زمنية قاطعة قبل يوم الاقتراع للفحص القانوني وأي اعتراضات على السيرة والسلوك، بحيث تُستنفد هذه المسارات قبل تسليم القوائم للناخبين. وبعد الاقتراع، ينبغي قصر أي تدابير على الحالات التي تثبت فيها الموانع وفق أحكام قضائية نهائية، مع الحفاظ على إرادة الناخبين داخل القائمة عبر آليات الإحلال المنصوص عليها بدلاً من إعدام الأصوات. هذا يحقق توازناً بين إنفاذ القانون وصون التمثيل.
من دون هذه المعالجة، سيبقى التنازع قائماً بين ما تقوله المفوضية العليا المستقلة للانتخابات اليوم وما انتهت إليه محكمة التمييز قبل أعوام، وستظل الثقة العامة مهددة كلما تأخرت لحظة اليقين التي يفترض أن يحملها صندوق الاقتراع. إن توحيد المرجعيات الزمنية والقانونية، وإعلانها للرأي العام بوضوح، خطوة لازمة لضمان شفافية العملية الانتخابية واستقرارها.







