العالم مابعد كورونا
العالم مابعد كورونا
سردار سنجاري
منذ بداية ظهور فايروس كوفيدا ١٩ ( كورونا) في الصين والذي انتشر بسرعة هائلة في غالبية دول العالم ان لم نقل جميعها ، والعالم يبدو في تخبط لم يسبق له مثيل في تاريخ البشرية . لقد انهارت شركات عملاقة كانت تسيطر على العديد من مفاصل الحياة اليومية لشعوب وامم عديدة . دول عظيمة كانت تعتبر العمود الفقري للاقتصاد العالمي انهارت . أوروبا التي طالما افتخرت بإنجازاتها العلمية وتقدمها في المجال الطبي عجزت عن ايجاد الحلول السريعة وأغلقت البلدان حدودها فيما بينها . انهيار أسعار النفط وبالتالي انهيار اقتصاديات الدول المنتجة والمصدرة له . توقف شبه كامل لحركة الطيران وإفلاس غالبية الشركات الخاصة عالميا . انهيار تجاري عالمي بسبب توقف حركة الملاحة البحرية وإغلاق غالبية المواني العالمية المؤثرة في التجارة العالمية .. مدن وأوطان كاملة فرض على سكانها الحجر الصحي مما تسبب في تعطيل كافة مفاصل الحياة العامة والخاصة والتي تسببت في خسارة الملايين من المواطنين لأعمالهم ووظائفهم . كل هذا لم يكون من صنع الانسان الذي اساء للأرض والسماء والبشر عبر مسيرته البشرية منذ ان خلفه الله تعالى وجعله خليفة في الأرض لإعمارها ولكن الانسان في الوقت الذي طور نفسه الا ان ذلك التطور لم يكون سوى على حساب الآخرين من البشر ودفع الانسان منذ الأزل ثمنا باهضا من اجل البقاء وأصبح العالم منقسما في صراعه من اجل ذلك البقاء بين قوى الخير والشر وبين القوي والضعيف، وبين الحق والظلم .وانما كان بسبب جرثومة لايتعدى حجمها ان اجتمعت راس دبوس تسببت في كل ما نشاهده ونراه في يومنا هذا .
السؤال الذي علينا ايجاد الإجابات عليه : هل سيعود العالم كما كان عليه قبل ظهور كورونا الذي فتك بارواح الآلاف من البشر خلال فترة وجيزة وتسبب في انهيار الاقتصاد العالمي . وما هو شكل العالم الحديد الذي ينتظرنا . وهل تغيرت الخارطة الاقتصادية والسياسية للعالم أم انها مجرد أزمة قد تكون باهظة الثمن ولكنها لن تؤثر على مجريات الاقتصاد والسياسة العالمية .
براي ومن خلال متابعتي للأحداث عن كثب فان المتوقع هو تغيير شامل للعملية الاقتصادية العالمية وذلك بدا واضحا منذ بداية الأزمة حيث انهارت شركات عملاقة كانت تجني المليارات من خلال تواجدها في الصين التي تعتبر اكثر دول العالم انتاجا بسبب الأجور المتدنية والطاقة البشرية الهائلة للعمالة فيها . الصين التي كانت المتضرر الأول من الحدث والتي أعلن رئيسها ان الخسارة التي شهدتها الصين خلال الأشهر الثلاثة الماضية لم يشهده التاريخ الصيني على الإطلاق ، ولكن بالمقابل استطاعت الصين ان تستفاد من الحدث وبدات في شراء غالبية الأسهم للشركات الأجنبية التي كان تواجدها في الصين سببا في انتعاشها اقتصاديا ولكن الصين نفسها لم تكون تجني تلك الأرباح المطلوبة من تلك الشركات عدا تشغيل الأيادي العاملة ، وعند انهيار تلك الشركات والإعلان عن إغلاق غالبيتها العمل في الصين قامت الصين بشراء اسهم الشركات وأصبحت رسميا مملوكة لها مما يعني مستقبلا سيطرة الصين على اقتصاديات غالبية تلك الشركات وبالتالي الدخول بقوة في فرض اقتصادها وتواجدها السياسي بقوة في العالم الذي توقع خبرائه ومحللوه السياسيون انتفاض الصين من سباته وأخذ دوره الحقيقي ومنافسة القوى العظمى في رسم السياسة العالمية . ولكن هل ستسمح امريكا والدول الأوروبية المؤثرة بذلك وهل لدى امريكا القوة الكافية للحد من توسع الصين عالميا . اعتقد الأمر ليس بتلك السهولة التي تتوقها الصين وليس بتلك السهولة التي تجعل من امريكا ان تستسلم للأمر الواقع في نمو الصين اقتصاديا وسياسيا . ولكن كما هو معروف القوة السياسية العالمية مرتبطة بالقوة الاقتصادية للبلد نفسه وأمريكا إذا كان تاثير الحدث عليها نسبته ٥٠٪ فان غالبية الدول الأوروبية كانت تاثير الحدث عليها تجاوز ٩٠٪ وهذا يعني انهيار واضح لاوروبا اقتصاديا إذا لم يتم ايجاد الحلول السريعة لمعالجة الحدث بأسرع وقت ممكن . وهنا نتوقف على معالم أوروبا الحديثة بعد القضاء على كورونا وكيفية نهوضها من جديد وما هو تاثير تراجع الاقتصاد الأوروبي عالميا وتأثيره على المجال الإنساني حيث تعتبر أوروبا ملجأ امنا لكل شعوب العالم وبالأخص الشعوب الشرق اوسطية وأفريقيا التي هاجر الملايين من ابناء تلك المناطق الى أوروبا من اجل العيش الكريم فيها ، فهل سيجدون الامتيازات نفسها بعد اليوم ؟ هل ستستقبل أوروبا المزيد من المهاجرين وتوفر لهم سبل العيش الكريم وتحقق احلامهم في تحسين اوضاعهم الاقتصادية وتحقيق طموحاتهم العلمية ؟ هل سيتم التعامل بعد اليوم مع المهاجرين بنفس الطريقة ما قبل كورونا ؟ هل من الممكن للدول الأوروبية إلغاء اقامات الآلاف من المهاجرين واتخاذ إجراءات صارمة بحق كل من يخالف القوانين الأوروبية وربما التفكير في إصدار قرارات تتناسب مع الوضع الجديد للاقتصاد الأوروبي والذي ربما يشمل باتخاذ قرار اعادة الآلاف من المهاجرين الى اوطانهم الأصلية .. ما هو متاكد منه ان أوروبا بعد كورونا لم تعد نفسها ما قبل كورونا وعليه فان الخارطة الإنسانية للعالم سوف تشهد تغيرات جذرية كما سوف تشهد تغيرات سياسية واقتصادية جديدة وبروز عالم جديد بمفاهيم جديدة وقوانين جديدة اكثر صرامة في بناء الانسان ودوره في تعمير الكرة الأرضية . وربما العالم يتوحد في رسم خارطة طزيق جديدة لصياغة تلك القوانين وهذا يعني إلزام دول عديدة بالتعاون مع القوى السياسية والاقتصادية الجديدة وربما تكون دول أوروبية هامة شاملة هذا التزام بتاثير الاقتصاد العالمي الجديد وبروز دول راسمالية حديثة تسيطر على الاقتصاد العالمي والحركة التجارية والزراعة والصناعة والسياحة في العالم .. ما لم تستطيع القوى العالمية مجتمعة تغيره قدرت جرثومة بسيط فعله .. فهل يتعظ الانسان ويبدا في تحقيق العدالة والمضي في طريق الإنسانية أم انه سوف ينقلب الى وحش اكثر شراسة وأكثر انانية واستغلالا للظروف القادمة وتفرض مجموعة بسيطة من الأفراد نفسها وتتحكم بمفاصل الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للعالم .