كلمة رئيس الجمهورية الدكتور برهم صالح في احتفالية المجلس الأعلى الإسلامي بمناسبة ذكرى تأسيسه

كلمة رئيس الجمهورية الدكتور برهم صالح في احتفالية المجلس الأعلى الإسلامي بمناسبة ذكرى تأسيسه
“بسم الله الرحمن الرحيم
السيدات والسادة الحضور
السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه،
بسرور واعتزاز وبفخر أتحدث اليكم في هذه المناسبةِ الكريمة التي، اذ نستعيد معها الذكرى السنويةَ لولادة المجلس الأعلى الإسلامي، نستذكر بإجلال قيادته المؤسسة، ممثلة بسماحة شهيد المحراب آية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم (رحمه الله)، وبحامل راية قيادة المجلس بعده شقيقه ورفيق دربه السيد عبدالعزيز الحكيم “عزيزالعراق” ، (رحمه الله) وأخوانهما من العلماء والقادة السياسيين الذين انطلقت على أيديهم هذه المنظمةِ المجاهده والفصائل الاخرى ، بأنتصار شعبنا على الاستبداد على النظام الدكتاتوري البائد.
أستذكر معكم رفاق دربكم من الراحل الكبير مام جلال وأصدقائكم وحلفائكم في في هذه المسيرة التي كانت “حقيقة” نموذجا باهرا وساطعا من المقاومة والاصرار على الحق والانتصار الى مظلومية شعبنا وظروف قاهرة كان يرزح العراق فيها ، انذاك .
وفيما نتقدم بأحر التهاني إلى الأخوة والاخوات في المجلس ، قيادات وقواعد بهذه المناسبة، فإننا نحيّي ونقدّر التضحياتِ الكبيرةَ التي قدمها قادة المجلس الأعلى الإسلامي.. ومجاهدوه ومؤيدوه.. من أجل الأهدافِ الوطنيةِ السامية.. طيلةَ سنواتِ الكفاح ضد طغيانِ الدكتاتورية وتعسفِها. كما ننظر بعين الاعتزازٍ إلى الدور الريادي والحيوي للمجلس الأعلى الإسلامي.. في عملية بناء النظام الديمقراطي الاتحادي في أعقاب الاطاحة بنظام التسلط والدكتاتورية .. فضلا عن المساهمة الحيوية في تعبئة طاقات شعبنا لدحر عصابات داعش الارهابية.. وتطهير بلادنا من رجسها.
تلك المسيرة النضالية النيرة والتضحيات المشهودة التي تصدى لها المجلس الأعلى جنبا إلى جنب مع القوى العراقية الوطنية الأخرى، كانت تعبيراً عن ادراكٍ حقيقي، لضرورة المضي بعزمٍ.. لتحقيق طموحات شعبنا بالأمن والتقدم والازدهار .. ومهما كانت العقبات والصعوبات الموروثة أو الطارئة.. ومهما واجهت العمليةُ السياسية من تحديات وصراعات عنيفة أحيانا.. على طريق التقدم الفعلي لتثبيتِ أركانِ الدولة العراقية الجديدة.
لكم اخواني واخواتي في المجلس ان تعتزوا بما انجزتم وقدمتم للبلد خلال تلك المسيرة الطويلة ، كما للقوى السياسية الوطنية ان تعتز بما قدموه لهذا الشعب من اجل بناء الدولة الجديدة ومجابهة الاستبداد ، لنا ان نعتز بما تحقق من المنجزات في المراحل السابقة (لكن كما تفضل الشيخ همام حمودي) لا يمكن لنا (مع كل هذا الفخر والاعتزاز) لايمكن لنا ان نتجاهل او نتناسى الاحتقان الخطير الذي تعاني منه منظومة الحكم ، والبصرة وما يعانيه اهل البصرة عنوان صارخ لما يجابهنا من تحديات ولا يمكن لقيادات هذا البلد ان تبقى معتزة بما انجزته في الماضي وان نبقى معتزين بتضحياتنا وما قدمناه لشعبنا ، الشعب يريد اداءاً افضل، وهو يستحق افضل من ما فيه هو اليوم …
أمامنا استحقاقات خطيرة ، فرسالة الانتخابات الماضية ورسالة البصرة والموصل واستحقاقات اعادة الاعمار واعادة النازحين ، واستحقاقات المواطنين المتطلعين للحد الادنى من الخدمات والحكم الرشيد ، يتطلب من الجميع اداءا افضل ويتطلب منا الترفع عن مفردات تحكمت بعملنا السياسي في الماضي ، ونحن مقبلون على حكومة جديدة ومرحلة جديدة ، ادعوا القوى السياسية الى التعاون مع رئيس الوزراء المكلف الدكتور عادل عبد المهدي كي ينتهي الى تشكيل حكومة راعية لمصالح الشعب العراقي ، حكومة خادمة لهذا البلد ، حكومة (يقينا) يجب ان تراعي فيها الخريطة السياسية والاستحقاقات السياسية ، لكن (يقينا) لا يمكن ان نستند الى ما عهدناه في الماضي من محاصصة مقيتة ، كان الخاسر الاكبر فيها المواطن العراقي واستقرار هذا البلد .
المواطن العراقي يترقب ، وربما هناك تفاؤل بما قد تؤل اليه الامور في المرحلة القادمة ، هذا التفاؤل وهذا الدعم وهذا الصبر من العراقيين ، يجب ان لا نركن اليه كضامنين الى الابد ،
العراقيون يريدون تغيرا ملموسا في نهج الحكم وفي الاداء والادارة وتقديم الخدمات ومحاربة الفساد المستشري في مفاصل الدولة ، يقينا لم تكن هذه الاستحقاقات سهلة المنال ويتطلب منا تعزيز الوحدة الحقيقية بين القوى الخيرة لهذا الشعب ، من اجل الانتصار لهذه التغيرات المنشودة .
يجب ان نسعى وبكل جدية الالتزام بالدستور مرجعية ضامنة للقدرة على بناء وطن للجميع بدون تمييز، وعلى تفعيل احترام التعددية كأساس للحقوق والحريات االديمقراطية والمدنية .. وكضمان لحماية حقوق الجميع دون استثناء واحترامهم كشركاء متساوين في الوطن والتوجه لمعالجة النواقص والاخطاء.. والعمل معا في بناء المستقبل وتحقيق الاهداف المشتركة .
هذه الاستحقاقات الداخلية لم تكن سهلة المنال وبالذات في خضم هذه الظروف الدولية والاقليمية والتي تلقى بضلالها على الوضع العراقي الداخلي.
علينا ان ننتصر الى ما هو فيه احترام سيادة العراق ومصالح العراق ، وان يكون العراق محورا لإعادة الاستقرار الى هذه المنطقة وانهاء التوترات فيها .
العراق اثبت ومن خلال جهاد شعبه ومن خلال تضحيات وعمل المؤسسة العسكرية والأمنية في هذا البلد من الجيش والحشد والبيشمركة والحشد العشائري والقوى الاخرى ، اثبت جدارة في دحر الارهاب عسكريا ، وهذا كان انجازا لا يمكن الاستخفاف فيه . لكن لا يمكن للعراق ان يتقبل عودة الارهاب مجددا ، ولا يمكن لهذه المنطقة ان تتحمل وزر عودة الارهاب مجددا
فنريد لبلادنا ، لوادي الرافدين ، للعراق ، ان يكون محورا لمنظومة امنية وسياسية جديدة في المنطقة ، أساسه التعاون والتضامن بين شعوب هذه المنطقة لدحر الارهاب والتكفير والتطرف والانتصار الى المصالح المشتركة الاقتصادية والسياسية.
أنا متفائل بالمستقبل لاننا كنا قد عشنا مراحل عصيبة ، وانتم رجالات العراق ومناضليه ، قدمتم الغالي والنفيس من اجل التغلب على الاستبداد والارهاب ، هذا الشعب المعطاء ، قادر على مواجهة هذه التحديات ، واملي باخواننا واهلنا في المجلس الاعلى ، كعهدنا السابق بهم ان يكونوا في طليعة المناصرين لهذا المشروع الوطني المستند الى الدستور ، والذي يريد للعراق ان يكون امنا مع شعبه وامنا مع جيرانه وان يكون العراق نموذجا للسلام والوئام في المنطقة ، وشكرا جزيلا وذكرى مباركة مرة اخرى.