حماس – إسرائيل .. الحرب القذرة
حماس – إسرائيل .. الحرب القذرة
/آشور- كتبت : سعاد الشمري
في ظل غياب حل سياسي رصين لمجازر مروعة تظلل المشهد الدموي ومع تصاعد افق التخبط الذي يمارسه الجانبان حماس من سردية التاريخ وإسرائيل من بوابة الأرض الموعودة ,, يتطاير شرر المعارك الوحشية وتتساقط دعوات التهدئة الخائبة في القمم العربية والإسلامية والتي خارت قواها من كم التنديد ونشف ريقها امام غطرسة الطرفين واتساع الجبهات وامتدادها الى غرف الإنعاش وحاضنات الولادات التعيسة ومع استمرار الطرفين بممارسة لعبتهما المفضلة منذ عقود تجاوزا بوحشية ونسفا لب العقول حين تعشقت معهما لذة الحرب القذرة تحت اكثر من مسمى وعنوان تديرها بشغف الولايات المتحدة الأميركية وهي تلعب على وتر الرهائن وتهدئة موقوتة تارة ووتر الحاجة الملحة لتعزيز الوجودية لحليفها المضطرب في المنطقة تارة أخرى .
خطوات فتحت شهية انتقام غير مدروسة لحماس وأثارت قريحة الطموح الإسرائيلي معززا بذاكرة رقمية لثأر شخصي يمارسه عراب اليمين المتطرف بنيامين نتنياهو وهو يشق طريقه على جثث غضة وهو يزيل غبارا عالقا في ذهنه عن مقتل أخيه على ايدي عناصر المقاومة في اوغندا عام 1976 .
لذلك بدا من الواضح جليا وامام سلاسل الدماء المضرجة على ارصفة الأرض الملعونة اننا نستوعب يوما بعد اخر ان القيادة الإسرائيلية غير جادة بأي وعود في حلحلة صراع القرون و لا ترغب بممارسة شعائر السلام على أساس حل الدولتين، كما انها لاتؤمن بشفاعة الحلول السياسية وضمانها لسلامتهم واستمرارهم في دولة تعيش على صفيح هادئ على اقل تقدير .
حماس ذاتها يبدو انها لم تدرك أيضا بعد ان العنف لم يجن لها سوى مزيدا من الخسائر في الأرض والارواح وان المقامرة بتقديم قرابين الاضحيات ماعاد يجدي عونا لها وان احجيات التحدي لم تحقق منه سوى عودة فاشلة الى المربع الأول ,, في وقت يتواصل معه جهل إسرائيل بعدم قراءة الواقع كما ينبغي وهي تمارس الحلول العسكرية لتحصين حدودها وتناست الداخل الإسرائيلي المغلي والعمق المنهار اجتماعيا وسرابيل الإسرائيليين الذين اثروا الهجرة والتشتت بعد ان فقدوا معنى واضحا للأمان والذي عجزت القيادة الاسرائيلية ان توفره او ترمم اجزاءه طيلة السنوات الماضية .
اسرائيل تعول اليوم مع خططها الاستيطانية طويلة الأمد على بعض العقائد المترهلة التي تنسف حقائق صناعة الدول المتقدمة بل و تتقاطع مع حاجتها لتامين مجتمعها وحدودها وفق مبادئ حقوق الانسان وموجبات السلام الدولية وليس بالحديد والنار وحسب اوسلوكيات الاستفزاز ضد جماعات العزل في شوارع الضفة التي فجرت هذا الغضب الانتحاري على الجميع .
المؤشرات الحاضرة لسلوك حماس وإسرائيل اضعفت الطرفين وجعلت من القضية اشبه بلعبة جر الحبل تؤكدها تصريحات غير مدروسة على لسان المسؤولين الإسرائيليين واخرها تصريح دانييلا فايس، الزعيمة بحركة الاستيطان الإسرائيلية بالضفة الغربية بقولها إن حدود وطن اليهود تمتد من نهر النيل للفرات، و أن الفلسطينيين يمكن أن يبقوا في المستوطنات الإسرائيلية لكن بشرط أن يقبلوا بسيادة اليهود عليها وإن العالم، وخاصة الولايات المتحدة، يعتقد أن هناك خياراً لقيام دولة فلسطينية، ونحن نريد التصدي لهذا الخيارإذا واصلنا بناء المجتمعات والمستوطنات الإسرائيلية، فإننا سنتصدى له تماماً».
فايس 78 عاما تعد واحدة من قادة حركة الاستيطان الإسرائيلية انخرطت في سياسات الاستيطان في أعقاب حرب عام 1967 وهي أيضا جارة وحليفة لوزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش، الذي قال: «إنه لا يوجد تاريخ أو ثقافة فلسطينية ولا يوجد شيء اسمه الشعب الفلسطيني وان المجتمعات الفلسطينية بحاجة إلى المحو».
على مايبدو هنا ان قراءة المسؤولين الإسرائيليين لنهج بناء الدولة مع معطيات مبادئ حركة حماس اصبح قائما وفق نمطية حرب الشوارع التي تقوم على فض النزاعات بالقوة وحشد العواطف وصراع العقائد ولايهم لديهم ماستجنيه تلك الحروب من زعزعة الاستقرار في المنطقة برمتها وربما تعزز لنهج الحرب القذرة التي جسدتها واشنطن في اكثر من دولة سابقا سواء في بنغلاديش او تشيلي او الارجنتين .
من هنا تتضح الصورة المضطربة التي يسعى الطرفان الى تصديرها للعالم والاتكاء على جذورها الدينية الأصولية وهي ذاتها الصورة الضبابية التي يغرد بها نتنياهو منفردا خارج سرب إرادة الإسرائيليين من عامة الشعب ويسعى لجعلها نهجا سياسيا يشوه الحقوق ويتلاعب بالقضية المشتركة ويطمس معالم حل الدولتين وهو يترجم أسس الواقعية السياسية في سياسات إسرائيل الحاضرة و القادمة .