مسلسل «شراب التوت البري»… دراما تتجاوز النقد الاجتماعي إلى الإساءة الدينية والثقافية

الرابط المختصرhttps://www.ashurnews.com/?p=59177

مسلسل «شراب التوت البري»… دراما تتجاوز النقد الاجتماعي إلى الإساءة الدينية والثقافية

Linkedin
Google plus
whatsapp
24 ديسمبر , 2025 - 1:54 ص

مسلسل «شراب التوت البري»… دراما تتجاوز النقد الاجتماعي إلى الإساءة الدينية والثقافية

كتبت : دعاء يوسف

يُقدَّم مسلسل «شراب التوت البري» على أنه عمل درامي يناقش الصراع بين أنماط الحياة المختلفة داخل المجتمع التركي، إلا أن هذا الطرح، عند متابعته بعمق، يكشف عن خطاب غير متوازن ينزلق في كثير من مشاهده من النقد الاجتماعي إلى الإساءة الصريحة للقيم الدينية والثقافية، ويقدّم التدين، ولا سيما الحجاب، بوصفه رمزاً للتخلف والجمود.

تتركّز معظم هذه الرسائل السلبية في شخصية كِفِلجِم، أم البطلة دوغا، التي تُصاغ درامياً بنبرة حادة ولاذعة، تتجاوز حدود الاختلاف الفكري إلى السخرية والتنمر المباشر على المتدينين، وخصوصاً النساء المحجبات. ففي خطاب الشخصية، لا يُقدَّم الحجاب كخيار شخصي أو قناعة فردية، بل يُربط بشكل متكرر بالجهل والتراجع، ما يكرّس صورة نمطية مسيئة لفئة واسعة من المجتمع.

ويتعزز هذا الخطاب الاستعلائي من خلال حوارات تحمل إسقاطات ثقافية خطيرة، حين تُستخدم تعبيرات مثل «عربستان» أو الإشارة إلى المملكة العربية السعودية بوصفها نموذجاً للتخلف، في إيحاء مباشر بأن التمسك بالقيم الدينية يعني الانحدار عن “الهوية الجمهورية الحديثة”. هذه المقارنات لا تخدم السياق الدرامي، بقدر ما تكشف عن نزعة ازدراء ثقافي تخلط بين النقد والتهكم.

د.دعاء يوسف

كما يروّج المسلسل، عبر هذه الشخصية تحديداً، لفكرة المساكنة بوصفها خياراً متقدماً ومفضلاً على الزواج الشرعي والقانوني، ويُظهر الزواج والاستقرار الأسري وكأنهما قيدان اجتماعيان لا يُلجأ إليهما إلا اضطراراً. ويتجسد ذلك بوضوح في مسار كِفِلجِم نفسها، إذ تظهر حاملاً خارج إطار الزواج، وترفض الارتباط الرسمي إلا في الأشهر الأخيرة من حملها، وكأن الزواج يُقدَّم كحل أخير لا كقيمة اجتماعية طبيعية.

ولا تتوقف الإشكالية عند البعد القيمي فقط، بل تمتد إلى بُعد صحي وطبي بالغ الحساسية، حين يصوّر المسلسل حمل وولادة شخصية يتجاوز عمرها الافتراضي في سياق الأحداث الخمسين عاماً، دون أي معالجة علمية أو إشارة إلى المخاطر الطبية المرتبطة بالحمل المتأخر. هذا الطرح يقدّم صورة غير واقعية، وقد يبعث برسائل مضللة للنساء، وكأن الإنجاب في هذا العمر أمر بسيط وطبيعي، بعيداً عن الحقائق الطبية. إن جمع هذه الرسائل كلها في شخصية واحدة يجعل من كِفِلجِم أداة لنقل خطاب أحادي الاتجاه، يربط التدين بالتخلف، ويفضّل العلاقات غير المستقرة على الزواج، ويستخف بالأسرة كحاضنة اجتماعية، تحت غطاء الحداثة وحرية الاختيار. وهنا يتحول العمل من دراما يُفترض بها فتح باب الحوار إلى خطاب إقصائي يعمّق الانقسام المجتمعي، ويُسيء إلى فئات واسعة باسم الفن.

مكة المكرمة