دائرة العلاقات الثقافية تحتفي بالزمخشري والنيسابوري

دائرة العلاقات الثقافية تحتفي بالزمخشري والنيسابوري
(آشور)..أقامت دائرة العلاقات الثقافية العامة التابعة لوزارة الثقافة اليوم الثلاثاء الموافق 15/5/2018 في مقر الدائرة حفلاً لتوقيع الكتاب الموسوم بـ “النيِّسابوري إضافاتُهُ واختلافاتُهُ مع الزَّمخشري في تفسير الكشاف” للباحثة زينب فخري.
وحضر حفل توقيع الكتاب مدير عام دائرة العلاقات الثقافية فلاح حسن شاكر ومعاون المدير العام خضر خلف ونخبة من الإعلاميين والبيوت الثقافية.
واستهلت الجلسة التي أدارها الأستاذ الدكتور كريم صبح بالتعريف بالمفسرين، فالزمخشري هو محمود بن عمر بن محمد بن أحمد الخوارزمي الزَّمخشري، أبو القاسم. ولد في زمخشر في رجب عام 467 هـ / 1075م. وقَدِمَ بغداد، وسافر إلى مكَّة فجاور بها زمناً فلقّب بجار الله. وتنقل في البلدان، ثمَّ عاد إلى الجرجانية فتوفِّي فيها ليلة عرفة بعد رجوعه من مكَّة في سنة538 هـ / 1144م عن عمر ناهز ست وسبعين سنة. وهو مفسِّر، محدِّث، متكلِّم، نحويّ، لغويّ، بيانيّ، أديب، ناظم، ناثر، مشارك في عدَّة علوم، يعدّ من أئمة العلم بالدِّين والتَّفسير واللغة والآداب.
وأضاف الدكتور صبح أنَّ المفسر الثاني هو نظام الدِّين، الحسن بن محمد بن الحسين القمي النِّيسابوري المعروف بالنّظام الأعرج وبالنّظام النِّيسابوري، ويقال له الأعرج، سنة ولادته مجهولة. منشأه وسكنه في نيسابور، وسنة وفاة النّظام النِّيسابوري غير معروفة ولكنّ تاريخ إنهاء مجلَّدات تفسيره بعد 850 هـ/ بعد 1446م . وهو عالم، مُلِّماً بالعلوم العقليَّة، جامعاً لفنون اللغة العربيَّة، له القدم الرَّاسخ فى صناعة الإنشاء، والمعرفة الوافرة بعلم التَّأويل والتَّفسير.
ثمَّ شرعت الباحثة زينب فخري بشرح الأسباب لهذا البحث قائلة: إنَّ نظام الدين النيسابوري ذكر في مقدِّمة تفسيره “تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان” أنَّه أضاف شيئاً من البلاغة إلى تفسير الكشاف، وأنَّه أبرز المقدرات وأظهر المضمرات وصرح الكنايات وحقَّقَ المجازات والاستعارات، وهو أمر يدعو إلى الدِّراسة والبحث ليتبين صحَّة هذا الادعاء، مضيفة أنَّ أهمية البحث تكمن في أنه يسلط الضوء على تفسير النِّيسابوري بشكل واسع جداً، فالدِّراسات السَّابقة التي تناولت هذا التَّفسير لا تتجاوز أصابع اليد رغم جهود مؤلِّفه الواضحة في اللغة والبلاغة والعرفان، ودراسته كانت بلاغيَّة لمعرفة التَّطبيقات والنُّكات البلاغيَّة التي أضافها على تفسير الكشاف. وبالتالي عقد مقارنة بين التَّفسيرين يعدّ من المواضيع الجديدة في هذا المجال، منوهة أنَّ الدِّراسة وقفت كذلك على النُّكات البلاغيّة التي فاتت الزَّمخشري، ومحاولة معرفة علَّة بعضها.
وأكدت الباحثة أنَّ البحث يبدأ مع بداية الأسطر الأولى لتفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان للنِّيسابوري (أي مع بداية تفسيره لسورة الفاتحة) وينتهي بنهاية السَّطر الأخير من تفسير النِّيسابوري (أي إلى نهاية تفسيره لسورة النَّاس) لمعرفة الإضافات والاختلافات البلاغيَّة بينه وبين الزَّمخشري.
وأشارت إلى أنَّ الكتاب وقع على أربعة فصول:
الفصل الأوَّل: وضمّ مبحثين: للتَّعريف بالمفسّرين: جارالله محمود الزَّمخشري ونظام الدّين النِّيسابوري، إذ عرفت فيه كلا المفسرين متعرضةً إلى سيرتهما الذاتيَّة والعلميَّة وأهمية تفسيرهما. والفصل الثَّاني: كان تحت عنوان “مباحث النِّيسابوري البلاغيَّة في علم المعاني”، وشمل مبحثين: خُصص المبحث الأوَّل إلى إضافات النِّيسابوري في علم المعاني والتي فاتت الزَّمخشري ولم يذكرها في تفسيره الكشاف، ذاكرةً هل هي من عيون نكات النِّيسابوري أم منقولة من الكتب وتفاسير أخرى. أمَّا المبحث الثَّاني فقد خُصص للاختلافات البلاغيَّة بين النِّيسابوري والزَّمخشري في علم المعاني، وبيّنت أسباب هذا الاختلاف. وجاء الفصل الثَّالث تحت عنوان” مباحث النِّيسابوري البلاغيَّة في علم البيان”، واحتوى على مبحثين أيضاً، كان الأوَّل قد تناول إضافات النِّيسابوري البيانيَّة والتي فاتت الزَّمخشري ولم يذكرها مبينة هل هي من إضافات النِّيسابوري البحتة أم لا. فيما ذكرت في المبحث الثَّاني الاختلافات البلاغيّة بين النِّيسابوري والزَّمخشري في علم البيان وأوضحت علَّة هذا الاختلاف.
وعنونت الفصل الرَّابع: “مباحث النِّيسابوري البلاغيَّة في علم البديع”، وكان كأخويه من مبحثين أيضاً: ركز الأوَّل على الإضافات البديعيَّة النِّيسابورية في هذا العلم والتي فاتت الزَّمخشري، وأشرت إلى بعض علل عدم ذكر الزَّمخشري لها. وأخيراً المبحث الثَّاني الذي كُرّس للاختلافات البلاغيَّة بين النِّيسابوري والزَّمخشري في علم البديع وسبب هذا التَّباين البلاغيّ.
واختتمت الباحثة زينب فخري بذكر أهم نتائج هذه الدِّراسة: انَّ الكثير من النُّكات البلاغيَّة التي أضافها النِّيسابوري قد استمدها من كتب بلاغيَّة ككتاب المفتاح للسَّكَّاكي والطّراز للعلوي، ومن بعض التَّفاسير كتفسير الفخر الرَّازي، وإن إضافات النِّيسابوري الشَّخصيَّة وتطبيقاته البلاغيَّة كانت قليلة، وبعض إضافات النِّيسابوري قد استقاها من الكشاف نفسه، فالزَّمخشري إذا ذكر نكتة بلاغيَّة في موضع ما لا يعاود ذكرها ثانية، وقد استفاد النِّيسابوري كثيراً من هذا النَّقص في الكشاف؛ فطبق القواعد البلاغيَّة التي أشار إليها الزَّمخشري في ذلك الموضع. وأوضحت الباحثة أنَّ الدراسة بيّنت أنَّ معظم الإضافات كانت في علم المعاني (الالتفات والتَّقديم والتَّأخير والحصر وإبراز المضمرات…) ثمَّ البيان (المجاز والاستعارة والكناية…) وكان أقلَّها في البديع.
وأشارت الدِّراسة إلى بعض أسباب عدم ذكر الزَّمخشري لهذه النُّكات البلاغيَّة، كان من أبرزها: إنَّ منهج الزَّمخشري الاختصار، فالنُّكتة البلاغيَّة التي يذكرها في موضع ما لا يذكرها ثانية. كما كان اهتمام الزَّمخشري بعلم البديع قليلاً جداً، فهو لا يعدّه علماً مستقلاً؛ لذا جاءت النُّكات البلاغيَّة في الفصل الرَّابع معدودة. وكان نادراً ما يذكر الفاصلة، على العكس من النِّيسابوري الذي كان يعزو بعض أسباب التَّقديم والتَّأخير في الآية إلى الفاصلة. كما يبدو من منهج الزَّمخشري البلاغيّ أنَّ تفسيره موجَّه للمتخصصين في الشَّأن البلاغيّ، لذا لا يكرّر النُّكتة البلاغيَّة ولا يطنب في شرحها، فيما يبدو تفسير النِّيسابوري موجَّه للجميع، فهو أكثر سهولة وتفصيلاً للنُّكات البلاغيَّة. ورصدت الدِّراسة اختلافات بلاغيَّة بين النِّيسابوري والزَّمخشري يرجع جلّها إلى الاختلاف الفكريّ بينهما.(انتهى)