ألهيئة العامة للمعهد العالمي للتجديد العربي تفتتح مؤتمرها الأول في “ملقا الإسبانية ” وتطرح مشروعا للتجديد العربي برؤية إنسانية

ألهيئة العامة للمعهد العالمي للتجديد العربي تفتتح مؤتمرها الأول في “ملقا الإسبانية ” وتطرح مشروعا للتجديد العربي برؤية إنسانية
(آشور – متابعة).. قال الدكتور خضير المرشدي رئيس المعهد العالمي للتجديد العربي ان فكرة إنشاء المعهد قامت على فكرة التجديد، مشيراً إلى ضرورة الانفتاح على التجارب العالمية في هذا المضمار.
وأضاف، في كلمة ألقاها في الجلسة الافتتاحية خلال اجتماع الهيئة العامة الاول للمعهد العالمي للتجديد العربي المنعقد صباح اليوم في مدينة ملقا الأسبانية: “إن تاريخ الثورات والتجارب العربية، التي قامت وحاولت احداث تغيير جذري في المجتمع العربي وسعت لبناء الانسان على أسس عصرية، وبرغم ما حققته هذه الثورات والتجارب من إنجازات سياسية واقتصادية واجتماعية إلا أنها لم تفلح في تحقيق نهضة حضارية عربية، كما كانت تطمح، وذلك لأسباب وازمات داخلية معروفة، وتحديات خارجية كبيرة لم يكن أولها احتلال فلسطين وصولا إلى ما يسمى بصفقة القرن”.
وأشار المرشدي الى أن “الأزمات الداخلية الكثيرة والمعقدة والتحديات الخارجية الخطرة حولت الحلم الكبير، حلم قيام الدولة العربية الحرة الموحدة، الى حالة من الخوف الدائم من انهيار الدولة القطرية ذاتها وتجزئتها الى كيانات هزيلة، نتيجة هيمنة تيارات وعصابات وأحزاب ذات افكار وسياسيات طائفية وعنصرية متطرفة ومتخلفة وشاذة شكلت خطرا على وحدة المجتمعات العربية وأمنها واستقرارها”، منوهاً إلى أن نتائج ذلك كان تنفيذ مخطط مدروس من التجهيل والتفقير والفساد والتجويع المادي والمعنوي والفكري والأخلاقي والتربوي والعلمي والمعرفي في معظم البلاد العربية.
وأوضح المرشدي أن مشروع المعهد يهدف إلى التجديد والنهضة على مستوى الدولة الوطنية والانطلاق منها إلى صيانة الهوية العربية، مضيفاً ان التجديد لا يمكن ان يحصل من دون دراسة التجارب العالمية الناجحة ومن دون ان يتم التفاعل مع ثقافات الشعوب ومدارسها الفكرية وفهم مضامينها واستيعابها، مشدداً على أن لا مجال للتجديد والتحديث الا من خلال دراسة التاريخ دراسة منهجية وعلمية.
وشدد المرشدي على ان الطموح ان يكون للعرب دولة تقوم على التعددية الوطنية على وفق صيغة تحافظ فيها على مصالحها وتضمن مستقبلها في عالم يسير بسرعة متناهية باتجاه بناء نظامه الدولي الجديد القائم على أساس التنوع والتعدد والحرية والتطور العلمي والتكنولوجي والمصالح الاقتصادية والإرادات المشتركة والدخول في عالم البرمجة، التي تمثل لغة العصر”.
وفي السياق نفسه، اوضح رئيس المعهد العالمي للتجديد العربي “علينا في هذا المعهد ان نسعى ونبحث في كيفية تخليص العقل العربي من التبعية الفكرية ليكون مستقبلا في اختيار سلطاته بنفسه، يستوعبها ويمارسها ويوظفها بوعي للسيطرة على قضاياه العامة والخاصة”.
وأكد: “ان المطلوب هو بناء الانسان العربي الجديد وطريقة تفكيره وكيفية تعامله مع هذه القضايا، وتغيير مفهوم المجتمع من مفهوم نزعة القبلية والعشائرية الى مفهوم تحكمه التنظيمات المدنية والسياسية والاجتماعية، وتحويل الاقتصاد من اقتصاد الريع والغنيمة والنهب والبلطجة الى اقتصاد الضريبة وتنوع الإنتاج واقتصاد المعرفة، الذي يجمع بين الحرية الاقتصادية ورفض الاستغلال، والنظر إلى معنى العقيدة الدينية من زاوية ان تكون نقية صافية خالية وان تتحول الى اختيار ورأي وانتماء فردي يحكم العلاقة بين الفرد وخالقه”.
ورأى المرشدي أن المعهد يختلف عما سواه من المراكز التي تملأ الفضاء الافتراضي، “ونحن لن نقبل بان نكون رقما ضمن المعاهد المنتشرة هنا وهناك، لان مشروعنا حلم لكل عربي محب لعروبته ومخلص لامته، لكنه حلم واقعي جميل قابل للتطبيق اذا ما توفرت الإرادة وهي موجودة، والصبر وطول البال وهو متأصل، والتخطيط المحكم والإصرار وهو ثابت يصبح الحلم حقيقة بخاصة عندما تكون الظروف ناضجة ومؤاتية”.
واختتم الدكتور خضير المرشدي كلمته : “ان الإقدام على مشروع كبير وخطر كهذا لابد ان يواجه تحديات مهمة، ويتعرض لهجمات من جهات خارجية وداخلية لها المصلحة في ان تبقى الأمة وبلدان العرب غارقة في بحر من الظلام والتخلف والجهل والتراجع، فعلى المؤمنين بهذا المشروع مواجهة مثل هذه الاحتمالات بالصبر والعمل المثمر والسعي الجاد إلى ان لا يكون هذا المعهد رقمًا باهتًا بين الأرقام او اسمًا بلا معنى بين اسماء العديد من المراكز والمؤسسات”.

المعلوم أن المعهد العالمي للتجديد العربي مؤسسة فكرية وعلمية وثقافية مستقلة غير حكومية وغير حزبية وغير سياسية، يعتمد، في نشاطه، على المبادرة الفردية والجماعية، وعلى تطوير التفكير العلمي الحرفي وإبتكار وتجديد الثقافة العربية المعاصرة، ولأجل تحقيق ذلك فإن المعهد يسعى إلى إستقطاب المفكرين والعلماء والمثقفين والباحثين والمختصين من الدول العربية. ويعتمد في تمويل مشروعه على دعم رجال الفكر وأصحاب المال ورجال الأعمال الذين يؤمنون برسالته النبيلة، وعلى الاستثمارات والتبرعات، وعلى النشاطات التي يقيمها مع الجامعات والمعاهد والجهات والمنظمات الرسمية والشعبية العربية والدولية.
من جانبها، اوضحت نائب رئيس المعهد لشؤون الوحدات الفكرية والتخطيط الاستراتيجي سميرة بن رجب أن المعهد تأسس حول فكرة عميقة هي ان الانحدار العربي له عديد أسباب ولكي يتوقف هذا الانحدار فعلى الامة ان تواجهه بواقعية وموضوعية وفكر عصري يتناسب في قوته وفاعليته مع قوة فعل الانحدار والمصير المرسوم له.
وقالت، في كلمتها التي القتها في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر التجديد العربي الذي انعقد صباح اليوم في مدينة ملقا الاسبانية، ان اهم متطلبات المشروع الذي وضعه المعهد هو التخطيط العلمي والموضوعي للاسترشاد به كخارطة طريق، منوهة الى اهمية اعتماد قيمة النقد العلمي الجاد في تقييم محاولات الاصلاح والتجديد العربي عبر التاريخ، واستخلاص الدروس والعبرالمفيدة منها وتوظيفها في مشروع المعهد للتجديد العربي.
واشارت بن رجب الى ضرورة دراسة الازمات العربية الداخلية والتحديات الخارجية الكبيرة التي كانت ولا تزال سبباً في عدم نجاح اي مشروع نهضوي عربي شامل.
وشددت على ان غياب الثقافة بمعناها الشامل قاد الى شيوع الثقافة المجردة وثقافة اللغو والتنظير والخطابات الفارغة والكلمات المنمقة .
وتطرقت نائب رئيس المعهد الى تجديد القيادات في المجالات كافة وبخاصة السياسية منها وما تحتاجه من بحث معمق ودراسات وبرامج لاعداد قيادات شابة تعي مكانة الامة في دورة التاريخ ، وعرجت على التحديات والصعوبات المحتملة امام نهوض المعهد بمهمته قائلة ان هذه الاحتمالات والتصدي لهذه الاهداف يتم بمزيد من الصبر والعمل المتميز والسعي الجاد من اجل خلق اطر فكرية ومضامين ثقافية عربية تستنهض الشعب العربي باقطاره ومهاجرة كافة لمواجهة تلك التحديات بمنظور عربي متفاعل مع البعد الاممي بما يعيد للامة قوتها ويجدد دورها احضاري التاريخي لتاخذ مكانتها بين الامم على مبدأ الصداقة والسلام والتطزر الحضاري الانساني .(انتهى)