مفردة (عيب) بين الماضي والحاضر..
مفردة (عيب) بين الماضي والحاضر.
الدكتور خالد نعمة الجنابي.
كثيرا ما تتداول كلمة (عيب ) في مجتمعنا ومجالسنا وكثيرا ماكنت اسمعها في بداية حياتي من والدي اطال الله في عمره ووالدتي رحمها الله حتى ترسخت بأذهاننا واصبحنا نخشاها كثيرا ونعطي لوقعها أهمية كبيرة ؛فهي قائدة ورائدة في زمن الآباء والأجداد ومرورا بنا ،وكأنها عصا غليظة تؤشر لنا بها لكي نتجنب عن قول أو فعل، كان الوالد كثير ما يوصينا بالاخلاق النبيلة والصفات الحميدة انا واخوتي وتجنب اي فعل ليس بحميد ويرفض ويعيب ويتألم كثيرا لأي تصرف او فعل غير ايجابي يحدث منا او من ابناء العم في حمولتنا ويعتبر ذلك منقصة بحق تاريخ ومأثر حمولتنا والرعيل الاول من الاجداد، ويذكرنا ويوصينا دوما بمأثرهم ومواقفهم الحميدة ويطلب منا ان نقتدي بهم كي لانعيب ونسييء لسمعتهم وهي الهدف المنشود لإحياء فضيلة وذم رذيلة.
وكما كانت تلك المفردة كثيرة التداول بين الاقارب والجيران والمدرسة والمجتمع اتجاه اي امر سلبي وكانوا يحذروا بها ويقدموا النصح وينكروا لأي فعل اوتصرف يمثل معنى (عيب )بمفهومها الفعلي ،وتربى بها جيل على احترام الكبير ومساعدة الجار وصلة الرحم ووضع الحجر الأساس لأصول التربية السليمة .
لاحظنا ان كلما مر الزمن بدأت تلك المفردة يقل تداولها حتى تكاد تختفي بين العوائل والمجتمع اليوم كون الكثير من الاباء والامهات لم يعد يهتموا بالمعنى الجامع لمفردة (عيب) نتيجة انشغالهم بالحياة الحديثة والتطورات التكنولوجية المرافقة لها على حساب تربية الاولاد ونلمس من الواقع المؤلم الذي يمثل المجتمع في وقتنا ؛ضعف الحوار والتفاهم والتواصل الثقافي بين الابوين والاولاد،الابن اغلب وقته يشغله في الهاتف الجوال والتسلية والحال ينطبق مع الاباء والامهات ولم تعد ضمن اهتماماتهم واولوياتهم التربية السليمة،فلم يعد الاباء القدوة الحسنة لأولادهم فضلا عن ضعف دور المؤسسة التربوية في هذا المجال والمجتمع ايضا.
الزبدة من الكلام اعلاه اصبحنا في ظل عصر العولمة عصر الانفصال عن القيم والتاريخ يوم بعد اخر تتلاشى وتختفي معها تلك المفردة الجميلة الهادفة من مفردات الكثير من العوائل وتختفي معها معناها قولا وفعلا حتى نشأ جيل جديد في غالبه ماتت معه كلمة (عيب) وانتهت من قاموس التربية.
واختم منشوري بشعر لصاحبه يتناسب مع المضمون اعلاه.
نَعيبُ زَمانَنا وَالعَيبُ فينا
وَما لِزَمانِنا عَيبٌ سِوانا
وَنَهجو ذا الزَمانِ بِغَيرِ ذَنبٍ
وَلَو نَطَقَ الزَمانُ لَنا هَجانا.