كورد العراق والمرحلة الجديدة
كورد العراق والمرحلة الجديدة
الباحث : سردار سنجاري
يعتبر الشعب الكوردي من بين الشعوب الشرقية التي يتمتع ابنائه بالكثير من الخصائص الانسانية التي ميزته عن كثير من الشعوب المجاورة . ريما المعاناة التي عاناها الشعب الكوردي عبر مراحل تاريخه هي احد انعكاساته الانسانية . كثرا ما نسمع عن تمتع الأشخاص الذين عانوا في مراحل حياتهم بالفقر والاضطهاد والحرمان بالإبداع والتميز في حياتهم عن الآخرين الذين يتمتعون بالعيش الرغيد وهذه النظرية ربما تنعكس على سلوكيات الشعوب ايضا . فالشعوب المضطهدة والتي حرمت من حقوقها ومقومات الحياة تجدها دوما متفوقة في مجالات عديدة كالعلوم والثقافة والإبداع الذاتي والجماعي لإثبات وجودها . وفي العقود الأخيرة اجتهد الكورد من اجل ان يكون لهم مكانة دولية من خلال إتقان فن السياسة واتقانها في مزاولة الدبلوماسية التي من خلالها يمكن للشعب الكوردي طرح تطلعاته المشروعة دون اللجوء الى الاقتتال الذي يقودنا الى خسارة الكثير من الإنجازات المشروعة وخسارة الجانبين . وقد ادرك العالم حقيقة رغبة الكورد في الحوار مع كافة الأطراف وسهل من خلال تعاونه مع الحكومات الكوردية في اقليم كوردستان العراق الكثير من الخطوات التي تقرب وجهات نظر بين الجانبين الكوردي والعربي مثلا والتركي والإيراني من جانب اخر . ورغم الاضطرابات السياسية التي تشهدها الساحة العراقية فان الدبلوماسية الكوردية لم تاخذ قسطا من الراحة وعملت جاهدة لإيجاد الحلول السياسية لمعالجة كافة المتعلقات بين المركز بغداد وبين اقليم كوردستان . ورغم أحقية الكورد في تقرير مصيرهم بنفسهم وذلك للمقومات التاريخية والثقافية والنضالية لهم والاثنية ، الا ان الكورد فضلوا الحوار مع بغداد والتفاهم على مستقبل العراق كدولة مؤسساتية تحترم حقوق المواطنة وتعمل بالتساوي والعدالة مع كافة المكونات باختلاف تطلعاتهم القومية او انتمائاتهم الدينية والطائفية .
اليوم وبوجود حكومة السيد مصطفى الكاظمي على رأس الهرم الحكومي وما نشهده من إجراءات أولية ربما تبعث الأمل والتفائل بمستقبل أفضل للشعب العراقي ، رغم قناعتنا ان العمل السياسي والإداري في العراق في الظروف الراهنة ليس سهلا وأنه يتطلب تكاتف وتعاون الشعب العراقي بكافة مكوناته خلف قرارات الحكومة الجديدة في حال كانت جادة وصادقة في التغير والعمل على حل الخلافات والمتعلقات بين المكونات العراقية كافة والسعي الى تحديد جدول زمني للمصارحة والمصالحة الوطنية ، التي من خلالها يتم التوقيع على وثيقة عهد اجتماعي بعيدا عن المشاريع الحزبية التي اودت بالعراق الى الدمار الذي شهده وكلف شعبه الكثير من الويلات والآلام .
الكورد لن يترددوا في دعم اي حكومة عراقية صادقة تبحث معهم كل المتعلقات ويكون التفاوض على أساس المواطنة والشراكة التاريخية والمساواة . واليوم العراق بأمس حاجة الى كل المؤهلات المخلصة لإعادة هيكليته وهيبته الدولية والعمل على خروجه من المستنقعات الخارجية التي سلبت ارادته وأضعفت قدراته وشلت امكانياته . اليوم على الحكومة الكوردية ان تبحث وبشكل دقيق عن الشخصيات المؤهلة والتي تجيد التعامل النفسي واللغوي مع بغداد وهذه من اهم الشروط التي يمكننا ان نقلل من فجوة الخلافات بين الجانبين ، بالاضافة ان يتمتعوا باخلاص ونزاهة في التعامل مع القضايا الوطنية والقومية والإنسانية .
كورد العراق يسعون الى تحقيق التوازن الخارجي للعراق من خلال مصداقيتهم التي أثبتتها في تعاملهم مع القضايا الدولية والمحلية والإقليمية .وتربط اقليم كوردستان والغرب علاقات مميزة وبالأخص مع الولايات المتحدة الأمريكية الذراع القوي سياسيا واقتصاديا في العام . ومن خلال هذه العلاقات والدور المميز للكورد مع الغرب سوف تكون السياسة الخارجية العراقية مميزة ولها مكانتها الدولية . واليوم تم ترشيح الشخصية الكوردية المتزنة الأستاذ فوزي الحريري لشغل منصب وزير الخارجية وبهذا تكون الدبلوماسية العراقية قد اكتسبت خطوة قوية الى الأمام . وكذلك ان تشغل شخصيات كوردية ذات تاريخ اداري ومؤهلات علمية مواقع سفراء للعراق في دول ذات أهمية للعراق كالسيدة نسرين برواري الذي شغلت منصب وزيرة البلديات والأشغال في العراق وفي حكومة اقليم والآخرين من كردستان سوف يعزز من مكانة العراق والكورد دوليًا . وقف الكورد مع منح حكومة السيد الكاظمي الثقة والتي يرون فيه الشخص المناسب الذي يمكن ان يحقق استقرارا سياسيا واقتصاديا للعراق وبعيدًا عن انتمائاته لدول الجوار باختلاف مسمياتها .
كورد العراق جادون في ان يتجاوز العراق ازماته التي يشهدها لانها انعكست سلبا على حياتهم بالمجمل وعليه سعى الكورد خلال الفترات السابقة للبحث مع الأطراف السياسية المعنية وبالأخص الشيعية التي بسبب مبدأ المحاصصة يتولوا رئاسة الحكومة عن اسماء شخصيات عراقية مؤهلة ووطنية تنقذ العراق من وضعه الحالي و مطلب الكورد من الأحزاب الشيعية ترشيح السيد مصطفى الكاظمي الذي حظى بثقة الكورد في البرلمان العراقي وتم الموافقة على حكومته . اننا ندعوا ومن منطلق حرصنا على كرامة الانسان العراقي ان يتم التوصل الى تفاهم بين كافة المكونات وان يعاد صياغة العهد الاجتماعي بين العراقيين الذي يشهد لهم التاريخ مدى ترابطهم وتماسكهم ببعضهم البعض رغم الاختلافات الثقافية والدينية والاثنبة . وأننا مستعدون كأفراد ومنظمات مدنية ان نلعب دورا في هذا المجال من باب حرصنا على اعادة قيم التآخي والمحبة والسلام بين كافة مكونات الشعب العراقي .