قضية الشيخ جراح والتسويق للخيانة العظمى على انها النصر المظفر
قضية الشيخ جراح والتسويق للخيانة العظمى على انها النصر المظفر
الكاتب : زيد الايوبي
لا شك ان قضية حي الشيخ جراح اكتسبت رمزية عظيمة للنضال الفلسطيني في القدس بعد ان وضع الاحتلال الاسرائيلي خطة بائسة لتفريغ هذا الحي الاستراتيجي من مضمونه العربي من خلال اخلاء وتهجير سكانه الفلسطينيين الذين يعيشون فيه قبل الاحتلال الاسرائيلي لمدينة القدس .
جمعيات استيطانية مدعومة من حكومة الاحتلال تنشط في المكان وتدعي ملكيتها لاراضي وعقارات الشيخ جراح بموجب وثائق مزورة لا تمت للحقيقة بصلة والقاضي الاسرائيلي مستوطن وقد يكون عضوا في مثل هذه الجمعيات والمراقب لعمل القضاء الاسرائيلي الباطل في القدس سيكتشف مباشرة ان هذا القضاء مسيس ومنحاز للمشاريع الاستيطانية والجمعيات التهويدية والمواطن المقدسي مجبر على التعامل مع محاكم الاحتلال بقوة القهر الاجبار الذي يكرسه الاحتلال في القدس رغم ان اهل القدس يعرفون جيدا ان الاحتلال لا يملك وفق القانون الدولي وقرارات مجلس الامن ان يسلب المقدسيين عقاراتهم حتى من خلال المحاكم الاسرائيلية لانه من واجب اسرائيل كدولة قائمة بالاحتلال ان تحمي ملكيات اهل المدينة وليس وضع خطط وتكريس قوانين تعسفية لترحيل الناس من ارضهم .
بكل الاحوال قضية الشيخ جراح هي قضية الكل الفلسطيني كونها تحمل رمزية النضال الوطني الفلسطيني من اجل البقاء في القدس وكونها تتعلق بارض وقف اسلامي لكل الامة الاسلامية ومن هذا المنطلق فإن هذه القضية ليست قضية سكان الحي وحدهم وانما هي قضية امة اسلامية اصطفاها الله لتكون صاحبة الحق المقدس في كل ذرة تراب في مدينة القدس .
في مطلع هذا الشهر اقترحت المحكمة الاسرائيلية على سكان الحي بان يبقوا في مساكنهم مقابل موافقتهم على الاعتراف لجمعية نحلات شمعون الاستيطانية بملكية الارض التي يسكنون عليها وان يبقوا كمستأجرين حتى الجيل الثالث وفي المقابل لا يحق للجمعية الاستيطانية طلب اخلائهم او بناء اي مشروع استيطاني لحين اعلان التسوية في القدس وثبوت ملكية الجمعية بموجب قانون التسوية او مرور خمسة عشر عاما على موافقة السكان على اقتراح المحكمة .
في الحقيقة ان ما تطرحه المحكمة هو تفريغ لقضية الشيخ جراح من بعدها الوطني والعربي والاسلامي لان القضية في اساسها ليست نزاع حقوقي على عقار وانما هي قصية صراع تاريخي بين الشعب الفلسطيني والاحتلال الاسرائيلي على طريق تقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس .
ان ما تطرحه المحكمة يعبر عن حجم المأزق الذي تعاني منه حكومة الاحتلال والمحكمة الاسرائيلية المكبلة بضغط الميدان والهيجان الشعبي في القدس والمقدسيين وخلفهم كل الشعب الفلسطيني والامتين العربية والاسلامية ان يقفوا مكتوفي الايدي امام مشاريع المستوطنين وجمعياتهم في الشيخ جراح .
ولكن ما لفت نظري هو ما سمعته من بعض الناشطين والمهتمين في قضية الشيخ جراح وهو التسويق لهذا الاقتراح الخبيث على انه انتصارا مظفرا وفرصة لن تتكرر وانجاز وطني لا مثيله له ويجب الموافقة عليه لان الفرصة لن تأتينا مرة اخرى.
في اعتقادي ان التسويق لقبول اقتراح المحكمة الاسرائيلية القاضي بضرورة اعتراف سكان حي الشيخ جراح بملكية الجمعية الاستيطانية للحي مقابل البقاء كمستأجرين هو خيانة عظمى للقضية الوطنية ولدماء مئات الشهداء الذين ارتقوا في معركة الشيخ جراح ومن يوافق على هذا الاقتراح هو خائن بكل ما تحمله الكلمة من معنى ويجب رفع الغطاء الوطني عنه فهذه ليست قضية فردية وليست نزاع حقوقي وانما هي قضية شعب باكمله وان يطردنا الاحتلال من منازلنا لنفترش والارض ونلتحف السماء لهو اهون علينا من ان نعترف للاسرائيلي بملكيته لذرة تراب واحدة في حي الشيخ جراح بل اني اعتبر ان مجرد التسويق لقبول هذا الاقتراح هو ايضا بيع وشروع بالخيانة للقضية الوطنية برمتها وعلى من يفعلها ان يواجه الشعب الفلسطيني في كل الشوارع .
بالتأكيد يبقى الرهان على الاحرار في حي الشيخ جراح المدعومين من كل القوى الوطنية الحية والقيادة الفلسطينية لافشال هذه الصفقة بكل الوسائل المتاحة فلا صوت الا الاحرار ولا بقاء الا الوفياء .
قبل ان انهي ها هو الكاتب الاسرائيلي نير حسون كتب في اليوم التالي لاقتراح المحكمة مقالا في صحيفة هآرتس بعنوان ( الفلسطينيون في الشيخ جراح تنفسوا الصعداء لكنهم مضطرون لدفع الثمن ) واكد فيها ان الفلسطينيين لن يقبلوا بهذا المقترح الذي يجبرهم على الاعتراف بملكية الجمعية الاستيطانية نحلات شمعون للحي مقابل بقائهم كمستأجرين ،،،يبدو ان هذا الكاتب الاسرائيلي يعرف معاني قضية الشيخ جراح ورمزيتها لدى الاحرار اكثر من البعض لدينا ،،،