شاعر الفضيلة… نظامي كنجوى
شاعر الفضيلة… نظامي كنجوى
إعداد: فريد صابر جمالو .. المسؤول في قسم العلاقات الدولية بمركز الترجمة الحكومي بجمهورية أذربيجان
(باكو- آشور)..الشاعر الملهم والحكيم العظيم “نظامي كنجوى” هو ابن أذربيجان المعاصرة، وكان من أعظم علماء عصره، ومن أبرز شعراء العالم الإسلامي أجمع، ويبقى من عمالقة الشعر والملحمة على المستوى العالمي.
اسمه جمال الدين أبو محمد إلياس بن يوسف الكنجوى، وعرف بالحكيم نظامي كنجوى من شعراء أذربيجان القصاصين الكبار، ولد في حدود سنة (535ه – 1140م)، في مدينة كنجه (Ganja)، وهي الآن المدينة الثانية في أذربيجان. وتوفي نظامي في نفس المدينة ودفن بها، وكانت له مقبرة ظلت قائمة بضع سنوات بعد إلحاق كنجه بروسيا، ثم تهدمت، وتم بناؤها مرة أخرى في عام 1940م، في نفس المكان الذي كانت فيه المقبرة القديمة، ثم دفنت فيها عظام الشاعر بصفة نهائية.
نستطيع أن نلمس من أشعار نظامی، أنه نشأ نشأة دينية، متأثرا بوسط كنجة، فقد قرر هو أنه كان متدينا منذ شبابه فقال: “لم أقف – منذ شبابي – على باب أحد غيرك لقربي منك”. أما ثقافته الدينية، فإن شعره يدل على أنها واسعة، شملت دراسة القرآن والحديث، والإلمام بما في كتب السيرة.
فهو يشير إلى قصة الحجر الذي ألقي على الرسول صلى الله عليه واله وسلم، فکسر إحدى أسنانه المباركة، فيقول: “إن جوهره لم يجرح قلب الحجر، فلم کسر الحجر جوهره”.
ويذكر قصص الأنبياء ويتخذها وسيلة لتقرير أن محمدا صلى الله عليه واله وسلم كان خاتمهم وأفضلهم، وأنه لولاه ما خلق الله الأفلاك.
وكان نظامي هو الشاعر الوحيد الذي ابتعد عن السلطة وحياة البلاط، ورفض الانتقال إلى العاصمة، واهتم بالعلم ونتاج العلماء، فهو يعد حكيما ذا علم موسوعي، بالإضافة إلى كونه شاعرا مرهف الحس، بليغ اللفظ، يدعو إلى الاستقامة والخلق الرفيع بكل إخلاص، ولا غرابة في أن يسمى “شاعر الفضيلة”.
ومع أن جذور الشعر القصصي كانت ممتدة قبل هذا الأديب الكبير، فإنه الشاعر الوحيد الذي استطاع حتى نهاية القرن السادس الهجري أن يطور هذا النوع من الشعر، ويصل به إلى الحد الأعلى من الكمال، ويتفوق على أقرانه في هذا المجال.
وكان نظامي متميزا في مختلف علوم زمانه، ومبدعا في الأدب والشعر، وأهم آثاره الكنوز الخمسة الشاملة لخمس مثنويات رائعة وهي: مخزن الأسرار، وخسرو وشيرين، وليلى والمجنون، والصور السبعة، واسكندر نامه.
لنظامي كنجوي ديوان الشعر بخلاف منظوماته الخمس، يتناول موضوعات مختلفة كالفخر والرثاء والزهد والتجرد عن الدنيا والغزل.
أقوال مأثورة لنظامي كنجوي
“لا بد للعقل من الفضل، وليس هناك أفضل من العدل”
***
“إن الملك لا يوجد بالظلم، وإنما يمكن أن يوجد بالعدل والإنصاف”
***
“إن المملكة تخلد بعدلك، وإن الأمور تستقر بإنصافك”
***
“لا يكن مال اليتيم في رقبتك، ولا تحمل وزر العجائز واترك هذه الدنيا الفانية الملوثة، وخذ زاد طريقك كالغرباء، أو اعتزل العالم كنظامي”
***
“من يتمنى صداقة الدنيا؟! لمن أوفت حتى تفي لنا؟! لقد صار ترابا كل من عاش على التراب، فكيف يدرك الإنسان، ما تخبئه الدنيا؟!”
***
“ما أساس الأدب؟ بذر الوفاء… وما حق الوفاء؟ رعايته… إن الزارع الذي يتعهد هذه البذرة، سوف يأكل من ثمرها يوما ما”
***
“كل التراب ولا تأكل خبز البخلاء، لست ذليلا، فلا تتحمل شماتة الأذلاء”
***
“العدو العاقل خير من الصديق الجاهل”
***
“ما دمت تعيش في هذه الدنيا، فاجتهد في أن تحصل على صديق وفي ولا تفش إليه أسرارك، قبل أن تمتحن جوهره”
***
“كن كالماء، وامح كل ما تسمعه، ولا تقل كل ما تراه كالمرآة”
***
“اعدل واحذر قيام الناس في نصف الليل للتظلم، ولا تحتقر قيامهم، لأن له آثاره، إذا أصاب دعاؤهم الهدف”