خيطٌ ٌ… بين حلبَ ونينوى

خيطٌ ٌ… بين حلبَ ونينوى
خيطٌ ٌ: نجاح ابراهيم
بين حلبَ ونينوى
على أعتابِ
حلب ونينوى
ارتعشَ جسدي
وهوى
أمامَ المشهدِ المضمّخ بالأسى
وألسنةِ الرّصاص
أخلع قميصَ الأسئلة
أنتضي كفارسٍ مهزوم جراحي المثقلة
مَنْ يوقفُ صدمتي الرّائحة
إلى آخرِ حزنٍ
في الكون؟
مَنْ يهزّني بقوّة القهرِ
ونزفِ الحضارة المغتصَبة
وأبجديات النورِ المذبوحة؟
ها إني من الصّعقة المزلزِلة
أقفُ
أديرُ المسامَ إلى ما شابتْ منه الرّوحُ
آثارَ الدّمار المدمى
أقْفو
أصيحُ ملءَ الطعنة:
حلب!
نينوى!
أين معجزاتُ الماضي؟
يا ثريّتان!
نامَ الوهجُ على خدّ الرّمل
أيُّ مشهد يحزّ دمي
ويصلبُ وجعي
شهيقي المحبوسُ أرجوحةٌ في رئتي
وألمي اليعزفني أنشوطةٌ لألمي
حلب!
يا صنو نينوى
أعينيني على الصّبرِ
وأطوافِ الرّدى
اندلاقي في حقولِ الحيرة
والفرحِ المائلِ
فراشٌ أسود في أكفّ الرّيح
ساحرٌ كسِفرٍ معطرٍ بالقداسة
مالي لا أقوى
على سماعِ دويّ ارتجافي
موحشٌ الآن هذا البَهاء
كمنافٍ بالبرودةِ تهفو
لن يغفرَ لي رأسي
حين صرتُ نعامة
أيّة قيامة
أرجو
وسورةُ الخرابِ كتابٌ مفتوحٌ
يُقرأ
كلّ حرفٍ صارَ سكيناً
مخرزاً
قاراً
يُطفئُ الملامحَ من الوجوه
يا للوجوه!
هل بقي عندنا وجوه؟!
البيوتُ أوكارٌ هجرها الحمام
والمآذنُ
تدلّت أعناقُها من شدّة العزلة
وسجادُ المصلى إسفنجة لعقت دمَ الشهداء
والمقاماتُ
فرّ منها الضّوء
الزّيت
الأولياء المساكين
ماذا أحدّثُ عنكِ يا حلب؟
وجرحي أمام انحنائكِ
عارٍ من القرابين
كلّ مسامة تفيضُ من الألم
سواقي
والرّمل الواخز يمتصّ الدّمع
من المآقي
آااااه
أما كنتِ فضاءً لقبّرة الرّوح؟
ونشيدَ الوهجِ
بل كنتِ أكثر من مكانٍ للهناءاتْ
وزمان النبوءاتْ
ونهارٍ دافئٍ كجمرِ الآلهة
تشعّين في نبضي شموساً
وقباباً خضراً
أوقن أنّ النهارَ
يصحو
فأخرج رأسي من الرّمل
لأكون نسراً
صهوة
أقرأ آية الكواكبِ المشتعلة
على أطرافِ ثوبك الدّائرِ نحو الله
وباسمك المهيب
أعلنُ ابتداءَ الحياة
من مطالع النخلِ..
وأعالي الزّقوراتْ
أبتدئُ رحلة الوجدِ نشوانة
من الفيضِ الآتي
يا حلب!
يا نينوى
يا جارتي المجرات
ضفّرا أحلامي الرّائعاتْ
أنتظرُ رقصة الضّوء في الأقدام
انهضا
واغسلا الصّدأ ودمَ الخفافيش
وغبارَ الرّدة اطردا
وثوراتِ البدو
والزّوابع المفتعلة
في الذقون الطويلة
وفلولَ الزّمن الوحشي
مشطا فرحي الآتي
أحني لكما شجرَ قلبي
ومدنَ عشقي الدّانياتْ
القصّياتْ
وارسما خارطة الزّهو
إنّ المزنَ في جيوبِ السماء
مُعْوِلاتْ.