خمسة إصلاحات أساسية لتفعيل المجلس الأعلى لمكافحة الفساد في العراق
كتب:- د. بشار الحطاب باحث في القانون الدستوري
إن إجراءات حكومة رئيس الوزراء الدكتور عادل عبدالمهدي في ملف مكافحة الفساد في العراق يعتريها الكثير من الوهن والضعف، وتمثل في كثير من جوانبها استنساخ لتجارب الحكومات السابقة في هذا الشأن، فإن تشكيل مجلس أعلى لمكافحة الفساد لايزال في حقيقته مجرد مجلس تشاوري لايملك سلطة فعلية أو سلطة تغيير، ويحتاج إلى من يحركه ليتحرك معه، إلا أن ذلك لايعني مطلقًا أن المجلس عاجز عن تحقيق الإصلاح في الملاحقة والمحاسبة لكل من اعتدى على المال العام، فلا يمكن أن يقوم بدوره الحقيقي السليم دون أن تكون الإرادة السياسية أيضًا منسجمة في آلية تفعيله ليأخذ دوره في ردع العابثين، ويعتقد البعض من المختصين في القانون أن تفعيل عمل المجلس ينبغي أن يكون بقانون ينسجم مع النصوص الدستورية التي تناولها الدستور العراقي، وعلى قدر وجاهة هذا الرأي إلا أننا لم نتمكن من محاربة الفساد من خلال المنظومة القانونية التي تسير في ظلها هيئات ومؤسسات محاربة الفساد في أنهاء هذا الملف منذ عام 2003، فقد سبق أن اتهمت هيئة النزاهة السلطات المختصة بأنها لم تتّخذ الإجراءات اللازمة إلاّ في حدود 15% بالمئة من 12 ألف قضيّة فساد أجرت الهيئة تحقيقات بشأنها وأحالتها على القضاء. إن مفهوم محاربة الفساد أوسع من تشكيل مجالس أو هيئأت أو تشريع قوانين أو توسيع الصلاحيات، ويمكن بيان أهم الأصلاحات التي لايستقيم أمر المجلس الأعلى لمكافحة الفساد دون تحقيقها لكي نجنى ثماره الحقيقية في القضاء على منظومة الفساد المالي والإداري في مختلف وزارات وهيئات الدولة، وذلك على النحو التالي: 1- إصلاح نظام تولي الوظيفة العامة في العراق، واعتماد الجدارة في اشغالها وتطبيق مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة في مختلف المناصب الوظيفية بدلًا من المحاصصة القومية والحزبية والدينية من خلال تفعيل عمل مجلس الخدمة الاتحادي المشكل بالقانون رقم (4) لسنة 2009، من أجل القضاء على الرشوة والمحسوبية والابتزاز في نطاق اشغال الوظائف العامة. 2- إصلاح النظام الأنتخابي في العراق من خلال اختيار مجلس مفوضين بطريقة حيادية ومهنية، وباشراف الأمم المتحدة، وتحقيق إشراف قضائي كامل على جميع مراحل العملية الانتخابية ووضع أنظمة انتخابية تضمن تنافس يقوم على العدالة والمساواة بين المرشحين. 3- إيقاف نشاطات الأحزاب السياسية التي تمتلك قوات مسلحة وحصر السلاح بيد الدولة، وحل ودمج الفصائل المسلحة التي تعمل خارج نطاق الدولة ضمن القوات الأمنية في وزارة الدفاع والداخلية وهيئة الحشد الشعبي. 4- اعتماد منظومة الحكومة الالكترونية في إنجاز معاملات المواطنين في جميع الدوائر والهيئات الرسمية، ولاسيما الخدمية منها التي لايمكن الاستغناء عن خدماتها من قبل المواطنين، وذلك یحقق العدید من المزایا التي تساعد علي الحد من الفساد الإداري وتقلیل أثاره السلبیة علي المجتمع وسلوكیات الأفراد. 5- معالجة ملف السياسية النقدية المتمثلة بمزاد بيع العملة الأجنبية في البنك المركزي العراقي، والقضاء على عمليات تدفق الأموال بطريقة غير منضبطة ولاتعكس نمو السياسة النقدية، فقد اضحى مزاد العملة الاجنبية بحسب تقارير لجهات رقابية في جوهره مزاد شكلي ويقف وراءه في الغالب فساد وتلاعب وإهدار لثروات العراق، يتجسد بنحو صفقات وهمية تحت مسمى (طلب من دون رصيد).