خطيرة للغاية.. لأول مرة رسالة سرية بين صدام وحافظ تنشر للعلن
(آشور- متابعة) ..
كشفت رسائل سرية تُنشر لأوّل مرّة خططاً ومعلومات هامة أرسلها الرئيس العراقي السابق، صدام حسين، منتصف عقد التسعينيات، لنظيره السوري حافظ الأسد.
جاء في تقريرٍ نشرته صحيفة “الشرق الأوسط”، أن صدام حسين بادر في منتصف عقد التسعينيات لفتح قناتي تواصل سريتين مع نظيره حافظ الأسد، ولكن الأخير قابل ذلك بالشكوك في نوايا الأول.
وأوضحت، أن هذه الرسائل جزء من الوثائق الكثيرة التي حملها نائب الرئيس السوري الراحل عبد الحليم خدام من مكتبه إلى باريس، لدى مغادرته سوريا عام 2005 وإعلان انشقاقه في نهاية ذاك العام.
بحسب خدام، أرسل صدام في أغسطس/آب 1995 أولى رسائله إلى الأسد “مستعجلاً بإعادة فتح السفارتين اللتين أغلقتا في 1982، وعقد لقاءات سياسية رفيعة وعلنية، وفتح الحدود، ولكن الأسد قرر إجراء مشاورات عربية قبل الاستجابة الملموسة لمقترحات الرئيس العراقي، لضمان تحقيق مصلحة الأمة العربية والقطرين الشقيقين”.
لقاء عاجل بين السفيرين السوري والعراقي
وأضاف: “وفي الشهر ذاته، طلب السفير العراقي رافع التكريتي، لقاءً مع السفير السوري عبد العزيز المصري، والتقاه في نفس اليوم وأبلغه أنه تلقى رسالة شخصية من رئيسه صدام لنقلها إلى الأسد، جاء فيها:
أؤكد أن الخطوة التي نتقد.م بها نحو سوريا بهدف بناء الثقة والتقارب بين البلدين هي خطوة جدية جداً، وبأن أي حساسية من حساسيات الماضي لن تعاد..
إن تجارب الماضي لها ظروفها وملابساتها، وعلينا أن ننساها وأن نبدأ بانفتاح حقيقي وجدي وبقلوب مفتوحة حيال هذه المرحلة الخطيرة”.
وقال خدام إنَّ: “الأسد ناقش الرسالتين معي ووزير الخارجية فاروق الشرع، وقرر الموافقة على حضور السفير العراقي بصورة سرية وحصر اتصالاته معي”، متابعاً “وكان الحرص على أن تتم الاتصالات مع السفير العراقي في قطر وليس في أنقرة
لأسباب كثيرة بينها أمـ.ـن المعلومات، لاحتمال أن تكون السفارتان السورية والعراقية في أنقرة مخترقتين بوسائل الاستماع من أجهزة مخابرات عديدة، ذلك لعدم قناعتنا بجدية النظام العراقي في تغيير جوهري في سياساته، وفي بناء علاقات جدية معنا
لأن مخزون العلاقات مليء بالسلبيات والأذى والأضرار الكبيرة التي لحقت بسوريا وبالأمة العربية، إضافة إلى حرصنا على استمرار علاقاتنا مع المعارضة العراقية، وعلاقاتنا العربية التي تقوم بينها وبين النظام العراقي حالة من العداء العميق”.
مواصلاً حديثه: “في 5 سبتمبر (أيلول) 1995، استقبلتُ مساءً أنور صبري عبد الرزاق، وكان لقاءً ودياً جرى خلاله استعراض العلاقات بين البلدين ودور بغداد في تعطيل هذه العلاقات، بما في ذلك المؤامرة المزعومة في يوليو (تموز) العام 1979.
أبلغني ما يلي: تحيات حارة من الرئيس العراقي إلى الرئيس حافظ ولي، وإن صدام يؤكد أن رغبة العراق في إعادة العلاقات إلى طبيعتها مع سوريا لم يكن حدثاً طارئاً
أو مرتكزاً آنياً بسبب ما يتعرض له العراق من ضغوط أميركية وإصرار مقصود لاستمرار الحصار، بل إن هذه الرغبة تنطلق من اعتبارات تتعلق بالأمن القومي العربي والمصالح العربية المصيرية”.
وأضاف: “يحيّي الرئيس صدام والعراقيون جميعاً تصريحات الرئيس حافظ وتصريحاتك في إيران ويثمنونها تثميناً عالياً، والتي أكدت حرصه على وحدة العراق أرضاً وشعباً، ورافضاً أي تدخل أجنبي”.
صدام حسين يتحدث في رسالته عن مخطط أمريكي إسرائيلي
وأردف القول: “صدام يقول إن المخطط الأمريكي – الصهيوني واضح، وأصبح الأردن جزءاً منه، وهو يعد طبخة تهدف للأضرار ليس بالعراق فقط
وإنما بسوريا وبكل المصالح العربية، وليس الهدف إضعاف العراق وتقسيمه، وإنما استباحة المنطقة العربية سياسياً وعسكرياً واقتصادياً”.
ونقل عن الرئيس العراقي السابق، قوله إن “العراق يسعى بعقل مفتوح ونية صادقة إلى الحوار مع كل الأطراف العربية، وبدون استثناء، من أجل تصفية الأجواء وعقد المصالحات العربية على أسس موضوعية
تضع في اعتبارها المصلحة العربية العليا ومواجهة التحديات التي تتهددنا جميعاً، إضافة إلى إبعاد المنطقة عن دائرة التعقيد والابتزاز”.
وتابع: “ولهذا فإن الرئيس يقترح أن يقوم محمد سعيد الصحاف، وزير الخارجية العراقي بزيارة دمشق لإجراء حوار سياسي واسع تتحدد فيه رؤى وتقييم الجانبين للأحداث، وهو مستعد للمجيء فوراً، بصورة سرية أو علنية”.
وأكمل: “يؤكد الرئيس صدام أن الأوضاع في الداخل لم تتأثر من قريب أو بعيد بالضجة الإعلامية التي أثارها الأردن بعد فرار المرتد حسين كامل
وهو الذي يقود الأوضاع في العراق والمؤسسات الرسمية والحزبية، وكل ما يثار من إشاعات هي من صنع خيال الأردن، وكان الرئيس حافظ مصيباً ودقيقاً عند.ما أكد ذلك رفاقكم في العراق صامدون منذ خمس سنوات”.
حافظ الأسد يناقش رسالة صدام حسين
خدام يقول: “عرضت الرسالة على الرئيس حافظ، وناقشها معي مطولاً في ضوء صورة الماضي الأسود في العلاقات بين البلدين ومع ذلك، فقد رأى أن يكون الجواب إيجابياً وودياً، يطلب فيه لقاءً لمعرفة جدية الموقف العراقي”.
وأشار إلى أنه استقبل السفير العراقي وأملى عليه الرسالة التالية: “تحيات الرئيس حافظ وتحياتي للرئيس صدام. يؤكد الرئيس حافظ أن المرحلة التي تمر بها الأمة العربية والتهديدات التي يتعرض لها كل من العراق وسوريا
تقتضي أن يبادر الطرفان، ومن دون تأخير، إلى ضرورة تجاوز العقبات وتجاوز الخلافات، لإيقاف حالة التدهور في الوضع العربي وانقسامه إلى شلل ومحاور
يحاول فيه كل محور أن يلعب على الآخر ضماناً لمصالح خاصة ومعروفة، تبتعد كلياً عن المصالح العليا للأمة العربية، إرضاءً لهذا الطرف الدولي أو ذاك”.
مضيفاً “لذلك فإن قدر سوريا والعراق يفرض عليهما انتشال الوضع العربي من حالة الزيف والتردي، لأنهما يشكلان قوة هائلة في مواجهة الأخطار المحدقة بالوطن العربي”.
متابعاً “وأبرز هذه المخاطر الدور الأردني، الذي كما قلنا سابقاً، أصبح جزءاً مهماً من الاستراتيجية الأمريكية – الصهيونية، والمحاولات المشبوهة التي يحاول التحرك بها سواء مع واشنطن أو تركيا أو مع الكيان الصهيوني
وما يتردد عن الأحلاف التي أخذت تتشكل وتظهر إلى العلن، وخطورتها ليست فقط على سوريا والعراق، وإنما على الأمة العربية. لذلك، فعودة العلاقات إلى طبيعتها في هذا الوقت بالذات بين البلدين الشقيقين، العراق وسوريا
التي هي بحد ذاتها قادرة على بناء موقف عربي موحد وفاعل وقادر على مواجهة التحديات التي بدأت تتفاعل يوماً بعد يوم”.
لقاء سري على الحدود السورية العراقية
بحسب ما جاء في وثائق خدام، التقى السفير العراقي في أنقرة نظيره السوري، 1995، وأبلغه أن القيادة في بغداد تلقت استفسارات القيادة السورية هذه بكل الارتياح.(انتهى)