جائحة التعميم

جائحة التعميم
جائحة التعميم
كتب: د.خالد نعمة الجنابي
كثير من الاوبئة اصابت البشرية على طوال التاريخ وفتكت بها ومن ثم لاحقا اوجد علاج لها واستطاعت البشرية التعافي منها وكان اخرها جائحة كورونا الذي لازال طور التشخيص والعلاج وبأذن الله تعالى سيتم ايجاد علاج لها وهو مابشرنا نبينا صلى الله عليه وسلم بقوله
(ما أنزل الله عز وجل داء، إلا أنزل له دواء).
يقابل ذلك الكثير من الافات المجتمعية والممارسات العبثية التي كانت ولازالت موجودة في مجتمعنا دون معالجات لها ومن بينها (افة التعميم) في القول والحكم التي هي صفة الكثير من الناس اليوم على اختلاف ثقافاتهم والوانهم وديناتهم.
تمر على مسامعنا الكثير من الناس يصدرون الحكم بالتعميم على فئة او عشيرة او مدينة او عائلة اوبلد او دين او مذهب بأنهم سيئون او مجرمين اوسراق او قتلة او ارهابين اوووو.. دون دليل مجرد صورة ذهنية متولدة لديهم نتيجة معلومات حصلوا عليها من اصدقاء اواقارب او اعلام حاقد ويبني عليه تصرفه واعتقاده اتجاهم وناتج من تقصير وضعف في الدين والعقل والخلق والتربية وهذه الأفة الفكرية ليست وسيلة اهل الرأي والحكمة واشراف القوم وإنما هي طريق الذين قصرت أنظارهم واراءهم وقلة علمهم.
ان التعميم دون دليل او تشخيص هو ظلم وبهتان وتجاوز على حقوق الاخرين يولد الكراهية والحقد والفرقة في المجتمعات وهو ثقافة مضرة متجذرة في مجتمعنا على مر الاجيال وفي تصاعد والكثير يبني علاقاته وافعاله على ذلك وان تلك الصفة السيئة نراها ايضا في تصرفات وافعال البعض من المسؤولين في الدولة ولمسنا ذلك في الواقع الوظيفي والميداني حتى يصل الحال بظلم اخرين بناءا على التصورات المشكلة لدى المسؤول اتجاه عشيرة او طائفة او مدينة .

ان الله سبحانه وتعالى خلق الناس مختلفين في اراءهم واشكالهم ومعتقداتهم واعمالهم وهي حكمة ربانية ونجد في العائلة الواحدة البعض صالح والاخر طالح والامثلة كثيرة جاء بعضها ذكره في القرآن الكريم واخص بالذكر نبي الله ابراهيم وابيه الكافر ونوح عليه السلام وابنه وهذا دليل علمي على الظلم في التعميم .
تقصدت تسمية العنوان بالجائحة لما له من اثر فتاك في المجتمع ينخره ويهدم بنيانه ويولد البغيضة والاختلاف دون وعي الكثير بخطورته وتشخيصة وايجاد معالجات فاعله له من خلال تثقيف الاخرين بنتائجة ومدى اثره السلبي على المجتمع وهو مسؤولية شرعية ووطنية واخلاقية تقع على عاتق النخب وقادة الرأي واهل العلم والمؤسسات التربوية والدينية.
اختم المقال بقوله تعالى (مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)
(فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين)
i