بهاء مسيرة الديمقراطية الشعبية في الصين
بهاء مسيرة الديمقراطية الشعبية في الصين
كتب: علاء ساغه
نُلاحِظ بصورة واضحة، أن الصين تستخدم مصطلحات عديدة وأحياناً مُستحدَثة في إطار مسيرتها الاشتراكية وتأكيدها، وفي رؤى انتقالها إلى مجتمع أكثر حداثةً اشتراكية، وأكثر ديمقراطيةً اشتراكية شعبية، وأزيد عدالة للشعب برمته، إذ أن بكين رئيساً وحزباً ودولةً تنظر للديمقراطية الشعبية على أنها قيمة مشتركة للإنسانية جمعاء، وليس احتكاراً أو حكراً لدولة واحدة ما، ولا هي محدودة بين جدرانها، ذلك أن التقدم البشري ينعكس في مفردات بليغة، تعكس حقائق مديات العمل الوطني في مجال العقيدة المتداخلة مع الأممي لدى الصين بالذات، لاستقدم الجديد من الأفكار وترجمتها على أرض الواقع، لتغدو مجالاً متجدداً وآمناً يَبتكرالجديد ويصب في مصب مصالح الشعب بكل تفرعاته.
في الواقع، لدى كل دولة من الدول مسيرتها الفكرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والخ، إلا أن بلدان العالم تكتسب الأفكار من بعضها البعض، وتوظفها بطرائق مناسبة بشكل مستقل لتتناسب وإرثها التاريخي والجيوسياسي. وبالتالي، نجد ديمقراطيات كثيرة في دنيانا، وهي نماذج تقليدية متوارثة للديمقراطية، أو مضافٌ عليها أصباغ محلية تعكس مصالح ووقائع كل دولة واحدة على حدة، وقد تتطور هذه الديمقراطيات وتنمو باكتساب الجديد من جيرانها والدول الصديقة لها، وهنا نجد أنه لا توجد ديمقراطية أفضل من غيرها، فالديمقراطية مفهوم نسبي وغير مكتمل، تماماً كغيرها من المفاهيم الفكرية التي انتجها العقل البشري، ذلك أن المناسب لدولة ما، هو الأفضل لها، وربما ليس لغيرها، وربما أيضا ليس لكل غيرها من العواصم.
يتميز الحزب الشيوعي الصيني خلال قرن كامل من الاستكشاف والتجريب بكونه مُولِّداً لكل الأفكار الجديدة لصالح الأمة الصينية ولكل مَن يرغب بالتبادل الفكري معه، ضمن ذلك إيجاد شكل جديد من الديمقراطية التي تتناسب مع الظروف الوطنية للصين، والتي وصفها الرئيس شي جين بينغ بأنها ديمقراطية الشعب بأكمله، ذلك أن جوهر الديمقراطية الصينية الشاملة للعملية الشعبية، هو النموذج الجديد المؤثر على الطيف السياسي الدولي ولهذا نلاحظ أنَّ بهائِها يجتذب الشعب الصيني، فمن منظور الضمان المؤسسي، فإن نظام “مؤتمر نواب الشعب الوطني” في الصين، هو ناقل مؤسسي ركائزي مهم للديمقراطية الشعبية بعملياتها الكاملة.
يَتبَّدى اليوم للجميع في هذا الكون بداية تغيّر المصالح والاصطفافات الدولية، ومعها التبدل في المفاهيم والأفكار في كل فضاء، وهو نقلة مفصلية بدأت بتغيرات حادة لا سيّما في البوصلة التقليدية للديمقراطية الغربية بخاصة وعلى كل الصُعد، مع بداية تفسخ الموازين السياسية والعسكرية في العالم بتأثير المواجهات الروسية – الأوكرانية، والروسية الأوروأمريكية، والمكاسرة القائمة عسكرياً وسياسياً بين روسيا والغرب بأكمله، ما سيوصل البشر في نهاية المطاف إلى سَدَّة التطور الفكري الحقيقي ليقبضوا على مصالحهم من خلالها، ذلك أن الناس هم وحدهم وليس غيرهم، وليس الدخلاء عليهم، هم بصفتهم المواطنية سادة البلاد وحجار رحاها. فالديمقراطية الشعبية بعملياتها الكاملة هي ضمانة قوية للشعب الصيني بكونه سيداً للدولة التي تمثِّل الديمقراطية الشعبية بعملياتها الكاملة لطبيعة الديمقراطية الاشتراكية وجوهرها لأنها شعبية شاملة، وهي الديمقراطية الأكثر شمولاً وصدقاً ونجاعة؛ فهي تمثل الشعب برمته بفئاته الكثيرة، من خلال التوليد اليومي للأفكار المتجددة وتطبيقاتها، فالمواطن الصيني العادي هو آلية هذه الديمقراطية، وهو كذلك هدفها الأول والنهائي.
في هذا المجال الأيديولوجي، نقرأ في تقرير قدَّمه الأمين العام الرئيس شي جين بينغ – نيابة عن اللجنة المركزية التاسعة عشرة إلى المؤتمر الوطني الـ20 للحزب الشيوعي الصيني – الذي افتتح يوم الأحد الـ16 من أكتوبر، واختتم أعماله يوم السبت 22 من ذات الشهر- شرحاً لخصائص ومزايا الديمقراطية الشعبية بعملياتها الكاملة، وأوضح اتجاه تطور الديمقراطية الاشتراكية في الصين في العصر الجديد، ما فتح نافذة مهمة للمجتمع الدولي لمعرفة جودة الديمقراطية في البلاد. ما هي الديمقراطية الشعبية “بعملياتها الكاملة”؟ إنها ممارسة ديمقراطية عظيمة قام بها الحزب الشيوعي الصيني عبر جهود توحيد قيادة الشعب للسعي للديمقراطية الشاملة وتطويرها وتحقيقها واقعاً، فجوهر الديمقراطية الشعبية الكاملة – العملية، إنما هو الديمقراطية الاشتراكية، التي تتخذ كل الشعب الصيني سنداً لها، وتكمن خصائصها ومزاياها في العمليات الكاملة شعبياً. وبالتالي، نقرأ أن الأمين شي جين بينغ شدَّدَ في تقريره الحزبي على ضرورة تصليب الضمان المؤسسي للديمقراطية لكون الشعب سيداً للدولة، وتطوير “الديمقراطية التشاورية” بشكل شامل، وتطوير الديمقراطية القاعدية بنشاط، لتوطيد ونمو أوسع جبهة متحدة وطنية نطاقاً، ما أوضح اتجاه تطوير الديمقراطية الشعبية بعملياتها الكاملة. إضافة إلى ذلك، تحل على هذا الخط “الديمقراطية التشاورية”، وهي شكلٌ مميزٌ من الأشكال الديمقراطية الاشتراكية الصينية، زد عليها “الديمقراطية القاعدية” التي هي حجر الزاوية المهم للديمقراطية الشعبية بعملياتها الكاملة، وكل هذه بلا انفكاك إنما تتألق بألق كبير بنورها الوضَّاء ولفعاليتها الشاملة.
عودة على بدء، نقرأ في الفكر الصيني المعاصر التالي: بما أن العالم شديد التنوّع، لن تكون هنالك ديمقراطية من نموذج واحد أبداً، أو حكراً على دولة واحدة فحسب. فقط هو النظام الديمقراطي المتجذر في أرض بلاد ما، والمناسب لظروفها الوطنية، هو الأكثر موثوقية وفعالية، كما وتستفيد الديمرقراطيات المختلفة من بعضها بعضاً.
تؤكد الصين رئيساً وحكومةً وشعباً، أنه وخلال المسيرة الجديدة لبناء الدولة الاشتراكية الحديثة على نحو شامل، سيواصل الحزب الشيوعي الصيني جهده للمضي قُدماُ متمسكاً بالديمقراطية الشعبية بعملياتها الكاملة، ذلك أن الشعب هو السيد للدولة، وتقديم مساهمات صينية لإثراء الحضارة السياسية للبشرية جمعاء في خضم التبادل الفكري بين الجميع.
علاء ساغه، أحد الأعضاء المؤسسين للاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتَّاب العَرب أصدقاء وحُلفاء الصِين، عَمَّان – الأُردن.