المصارف الخاصة والثقافة الاقتصادية

المصارف الخاصة والثقافة الاقتصادية
المصارف الخاصة
والثقافة الاقتصادية
عبدالعليم البناء
لاشك ان الثقافة الاقتصادية تعد من أهم مرتكزات العاملين في القطاع الاقتصادي بتمظهراته المختلفة ،وإذا كان كثيرون في الماضي يرون أن التنمية الاقتصادية تعتمد على الاصلاح والعلم والتكنولوجيا، فإن التجربة اثبتت ضرورة اضافة عامل الثقافة الذي بات اساسيا في عملية التطوير والتنمية الاقتصادية .وفي مراجعة لاقتصادات بعض الدول التي اعتمدت على الثقافة ومنها الصين ،نلاحظ أن التنمية الثقافية ساهمت مساهمة فاعلة ومباشرة في النمو الاقتصادي. فالثقافة الاقتصادية تحسن طرق تعامل المواطن مع التطورات السريعة والكبيرة في عالم الاقتصاد، مثل حركة الادخار والاستثمار والبطاقات الائتمانية واسواق رأس المال والاسهم والسندات وغيرها .
ومن هنا فإن الثقافة الاقتصادية، تعني أن يكون الفرد والمجتمع مثقفاً اقتصادياً، لأن الاقتصاد يشكل حجر الزاوية في تطور الدول والمجتمعات ، وحسب المعنيين كلما كان الاقتصاد قويا متينا متوازنا، قائما على العلمية والحرفية، كلما كانت الدولة والمجتمع أقوى وأكثر تطوراً، لوجود ترابط وثيق بين قوة الاقتصاد وتطور المجتمع، فإذا كان الفرد والمجتمع يتحلى بثقافة اقتصادية، حتى لو بالحد الادنى منها، فهذا يجعل فرص التطور الاقتصادي مضاعفاً لتلك الدولة.
ولعل من بين أهم مرتكزات وأدوات هذه الثقافة الشاملة ،المواظبة على التوعية الشاملة، وتنظيم المؤتمرات ،والورش، والدورات، والندوات، واصدارالكتب، والنشرات،والدوريات بما فيها المجلات ،التي تسهم في اشاعة المفاهيم والاسس والمباديء والقوانين الاقتصادية والتحولات المصاحبة في مختلف المجالات .
وفي هذا الاطار يجيء اصدار مجلة (المصارف الخاصة) عن رابطة المصارف الخاصة العراقية ،لتجسد الى حد كبير أهداف نشر واشاعة وتكريس الثقافة الاقتصادية بين المعنيين من جانب، وأفراد المجتمع من جانب آخر .
والمتصفح للعدد الاخير من هذه المجلة الرصينة شكلاً ومضموناً ،يجد في موضوعاتها تنوعا شاملاً مابين المقالة، والدراسة، والبحث، والحوار، واللقاء، والمتابعة، وغيرها مما يغني المعنيين وغير المعنيين على حد سواء ،ويحقق الاهداف المرجوة من اصدارها .
في افتتاحية العدد (كلمة التحرير) لرئيس تحرير المجلة الزميل ياسر المتولي المعنونة (المصارف ظلال النمو الاقتصادي)، يؤكد في تجارب دول العالم المتقدمة ” كانت البدايات الصحيحة لتحقيق تنمية اقتصادية فاعلة مع المشاريع الصغيرة والمتوسطة لما لها من جدوى ااقتصادية “، مشيرا”نمني النفس بأن تكون لنا ثورة تنموية شبيهة بتلك ،ولكن ظلال النمو الاقتصادي في بلدنا كبلت بتحديات افقدتها دورها التنموي لاسباب عدة ،يجملها تباعا مشخصاً إياها.
رئيس رابطة المصارف الخاصة الاستاذ وديع الحنظل في عموده (آفاق مصرفية)، يتوقف عند (ريادة الاعمال هدفنا القادم). مؤكداً ان أكثر ما يثير اهتمامه “هو تجربة ريادة الاعمال كمفهوم جديد”، يهدف لخلق “الوظائف الذاتية والتي تعد احدى اهم وسائل معالجة البطالة المستفحلة في البلد”. مشيراً الى انه ” ستكون له الأولوية في خطط برنامج المصارف المستقبلية ،كونه منتجاً مصرفياَ يؤدي وظائف عدة ،ابرزها الاسهام في التنمية المجتمعية المهمة لتطوير واقع البلد الاقتصادي”.
كما تضمن العدد حوارا مهما سبق ان نشرته الصباح مع محافظ البنك المركزي، أكد فيه ان ” احتياطي العملة الاجنبية يغطي 70% من حجم الكتلة النقدية في العراق “. وتقريرا ومتابعات عدة عن زيارة صندوق النقد العربي بغداد لتعزيز مفهوم الشمول المالي، والمؤتمر السنوي لاتحاد المصارف العربية وتكريمه لرابطة المصارف الخاصة العراقية ورئيسها ، وخروج البنك المركزي من عقوبات الاتحاد الاوربي وغيرها، و(مساعدة اصحاب الاعمال الناشئة) و(اطلاق منصة رواد العراق ) و(زيارة وفد عراقي كبير لمنظمة اليونسكو لطرح ومناقشة اوضاع الاهوار العراقية).
وتوقف عدد من الاختصاصيين في مقالاتهم عند مناقشة موضوعات عدة، فالدكتور مظهر محمد صالح توقف عند موضوعة (بنك الفقراء ..بنك الشغيلة) ،والاستاذ سمير لنصيري (رؤية الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص في العراق 2018- 2022)، والباحث محمود آل جمعة المياحي (البنيان القانوني لظاهرة غسل الاموال)، والسيد محمود البرزنجي ( التخطيط الستراتيجي في المصارف) والسيد عبد الرحمن الشيخلي ( حذف الاصفار من العملة)، والسيد عضيد شياع عواد (خصوصية المخاطر في المصارف الاسلامية) ، والسيد محمد عبد الحميد موسى (التنمية الشاملة ) ،والسيد هشام خالد عباس (تقنية البلوكتشين ونظرة الى المستقبل ) ،والسيد عبد العليم البناء (الاعفاءات الضريبية مقابل المبادرات المجتمعية).
ونقرأ ايضا ملفاً عن افتتاح وانجاز المحور الاول من (مبادرة ألق بغداد)، التي أطلقها الموسيقار نصير شمة برعاية الامانة العامة لمجلس الوزراء والبنك المركزي، ودعم وتمويل رابطة المصارف الخاصة ، وملفاً عن انعقاد المؤتمر العلمي الدولي الاول لكلية الاعلام في جامعة بغداد، ،والدورة ال45 لمعرض بغداد الدولي والحضور المتميز للمصارف الخاصة، وافتتاح محافظ البنك المركزي لمصرف حمورابي الجسري، ولقاء مع رئيس مجلس ادارته السيد ماجد الصوري، ، وعرض لكتاب (رؤيتي للاصلاح الاقتصادي في العراق) للمستشار الاقتصادي سمير النصيري، و( الرقابة الداخلية في المصارف الخاصة وفقا لمقررات لجنة بازل) للسيد علي عصام الياور، فضلا عن مجموعة من الاخبار والمتابعات عن الدورات والورش المهمة التي اقامتها رابطة المصارف الخاصة مؤخرا، لمنتسبي المصارف والجهات الحكومية داخل وخارج العراق ، واخبار وانشطة مجموعة من المصارف الخاصة ،واختتم العدد بنشر البيانات المالية لمصارف :المنصور وكوردستان الدولي ، والشرق الاوسط للاستثمار، وايلاف الاسلامي، والمتحد للاستثمار.
لقد توافق هذا المطبوع الاقتصادي مع الهدف المركزي الداخل في صلب اهتمامات الثقافة الاقتصادية، ودورها الفاعل في التنمية الشاملة التي تعد احد اهم مرتكزات وتوجهات رابطة المصارف الخاصة ، وفريقها التنفيذي المتناغم .