“الخطوات التي يجب ان يتبناها الرئيس الاميركي المنتخب في الشأن العراقي”
مقالة لرئيس المشروع الوطني العراقي الشيخ جمال الضاري في احدى اهم الصحف الاميركية The Hill قبل ايام من تنصيب الرئيس الجديد دونالد ترامب بعنوان
“الخطوات التي يجب ان يتبناها الرئيس الاميركي المنتخب في الشأن العراقي”
نص مقالة الشيخ جمال الضاري في صحيفة THE HILL الأمريكية يوم 20 كانون أول 2016
THE HILL صحيفة اميريكية تصدر في واشنطن دي سي وتصدرها دار نشر Capitol Hill Publisher وتركز الصحيفة على الجوانب السياسية والسياسات والعلاقات الدولية وتغطي هذه الصحيفة الحملات الفيدرالية للكونغرس والبيت الأبيض. وتصدر الصحيفة يوميا عندما يكون الكونغرس الأميريكي في دوراته وممارسة مهامه.
يجب أن يتبنى ترامب إتجاها جديدا للسياسة الأمريكية في العراق
الشيخ جمال الضاري
رئيس المشروع الوطني العراقي
لقد عانى شعب وطني العراق وخلال مسؤوليات الرؤساء الأمريكيين السابقين لربع قرن من الزمن من أعباء هائلة بسبب سياساتهم التي إستندت الى التضليل وأدت الى إحتلال وتدمير العراق.
ومع ذلك، فإن إنتخاب دونالد ترامب الإستثنائي يوفر فرصة نادرة لإعادة رسم العلاقات بين العراق والولايات المتحدة ونأمل أنه سوف لن يرتكب نفس الأخطاء التي ارتكبها سلفه في العراق.
لقد جاء الرئيس باراك أوباما الى مكتب الرئاسة مستندا على وعوده بالقيام بحملات لوضع حد للحرب في العراق. وعندما تم إنتخابه، قام بتسليم الملف العراقي لنائب الرئيس. وهي إشارة فهمها الجميع ومنهم نحن العراقيون أن الولايات المتحدة تعتبر الآن العراق ذو أهمية ثانوية، وهو الذي عزز النفوذ الإيراني عبر المشهد السياسي العام.
لقد كان بإستطاعة السيد أوباما تصحيح هذا التصور بين العراقيين، ولكنه أكد له بالمقابل عدم الاكتراث وفك الارتباط عندما عين كريستوفر هيل سفيرا له في عام 2009 وفي وقت حرج وهو لايجيد التحدث بالعربية ولم يخدم سابقا في منطقة الشرق الأوسط وليس لديه أي إطلاع بالسياسة العراقية ولم يجهد نفسه بفهم العراقيين وخلافا لسلفه الذي يعتبر جيدا السفير رايان كروكر.
ونظرا لتعقيدات العراق، فسيكون من المهم أن يلتمس السيد ترامب المشورة من الأفراد الذين يفهمون العراق، ولديهم معرفة في – ثقافته وتأريخه وشعبه. ولسوء الحظ، فقد إعتمد السيد أوباما على المشورة القاصرة وذات الرؤية الإستنتاجية قبل التحليل وجعلت التصور بأن الولايات المتحدة تمارس نهجاً إستراتيجيا خاطئا يتركز على دعم شيعة العراق، من خلال تصوير الشيعة كمجتمع ذو “أغلبية وهامة”. وتم بناء تصور خاطيء من أن أهل السنة يعاملون كشريك صغير، ويجري إشراكهم في الحكم وفق تقسيم وتزكية بغية إظهار الحكومة العراقية لتبدو وكأنها مؤسسة وطنية جامعة لكل المكونات.
خلال مسؤولية السيد هيل، سعت الولايات المتحدة لتطبيع العلاقات الثنائية مع العراق، على الرغم من أن العراق في تلك الفترة لم تتشكل فيه بعد مؤسسات ديمقراطية موثوقة للتحقق والتدقيق لمواجهة السلوك الذي تسببه الصلاحيات الممنوحة. وهذا الوضع أعطى قوة لصلاحيات نوري المالكي كرئيس للوزراء، وإضفاء الشرعية التامة على سلوكه وسلطته وبدون رقابة.
وعندما ذهب الشعب العراقي للتصويت في إنتخابات عام 2010، فإنهم أدلوا بأصواتهم للتغيير. وقد هزم إياد علاوي السيد المالكي في هذه الإنتخابات وهو قومي علماني، ويرأس تحالف عابر للطائفية والمحاصصة. ولكن رئيس الوزراء المالكي وبسبب تنامي سلطته أعاد تحديد القواعد الدستورية من خلال نفوذه لدى السلطة القضائية في العراق والذي منح السيد المالكي طريقا واضحا لإنقاذ موقفه.
وهكذا لم يمنح أبدا السيد علاوي وكتلته فرصة لتشكيل الحكومة. والغريب أنه بدلاً من التعبير عن المعارضة لهذا الانقلاب القانوني المنافي للديمقراطية، فإن البيت الأبيض بقي صامتا، وهذا الصمت فسّره العراقيون ضمناً بأنها موافقة على ما جرى. بل الأسوأ من ذلك، عمل مسؤولون أميركيون من القطاع الخاص لمساعدة السيد المالكي بالضغط على الآخرين لدعم ترشيحه لولاية ثالثة، في واحدة من المفارقات التي تتناغم وتعكس نشاطات ورغبات إيران.
وإستمرت سياسة الولايات المتحدة الحكومة في هذه الفترة على هذه الصيغة عندما أشادت بحكومة 2010 التي شكلها المالكي بوصفها “شاملة”، ووصفتها بأنها تمثل “شراكة وطنية”. ومع أنها تشكلت بحرمان الفائز الانتخابي من فرصة تشكيل الحكومة، لقد ساعدت الولايات المتحدة في هذه العملية على تقويض التنمية الديمقراطية في العراق.
خلال فترة ولايته الثانية، إستمرت مظالم وسياسات السيد المالكي لتوطيد سلطته وتهميش شركائه في الائتلاف. وقام رئيس الوزراء بدعم سلطة المليشيات الموالية لإيران، وقام بتطهير قوات الأمن من المهنيين؛ وإتخذ إجراءات صارمة ضد القيادات السياسية السنية والمظاهرات السلمية؛ واتخذ من جانب واحد إجراءات الهيمنة والمراقبة على البنك المركزي والمفوضية المستقة للانتخابات، وهيئة مكافحة الفساد وأبعد سلطة البرلمان من الرقابة عليها.
وعلى الرغم من كل علامات التحذير، إستمرت سياسة واشنطن الساذجة في الدعم المستمر لرئيس الوزراء الذي سمح للتوترات الطائفية والسياسية في العراق في النمو والتعصب والتمزق في حرب أهلية أخرى. لقد حمى البيت الأبيض السيد المالكي ودافع عنه وكأنه الخيار الواقعي الوحيد لمنصب رئيس الوزراء – وبقي هذا الدعم حتى وقت متأخراً جداً، عندما إجتاح داعش مدينة الموصل فبدأت الولايات المتحدة تشعر أخيرا بضرورة سحب دعمها له.
لسوء الحظ، هناك دلائل على أن السيد ترامب قد يقع في الفخ نفسه. فقد قال رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي في وقت سابق من الأسبوع قبل الماضي”في مكالمة هاتفية مع الرئيس المنتخب ترامب”، قال العبادي، “أنه أكد لي أن الولايات المتحدة لن تستمر في دعمها للحكومة العراقية فحسب، بل سيذهب إلى زيادته”.
ونصيحتي إلى السيد ترامب هي:
لا تعطي أي شخص في العراق شيكاً على بياض – أو حتى جعلهم يفكرون